نام کتاب : رسالة في النفس و بقائها و معادها نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 153
لا تفترق بها أعنى الهيولى، فإن الأرض لا تفارق الماء بمادتها بل
بصورتها. و منها أنها لا تفيد الأجسام الطبيعية ماهيتها الخاصة إلا بالقوة، إذ
الإنسان ليست إنسانيته بالفعل مستفادة من العناصر الأربعة إلا بالقوة. و أما
الصورة فخاصيتها أن بها تؤدى الأجسام أفاعيلها، إذ السيف ليس يقطع بحديده بل
بحدته، و أن الأجسام إنما تتغاير بجنسها، أعنى الصورة، إذ الأرض لا تغاير الماء
إلا بصورتها، فأما بمادتها فلا، و أن الأجسام الطبيعية إنما تستفيد ماهياتها
بالفعل من الصورة، إذ الإنسان إنسانيته بالفعل بصورته لا بمادته من العناصر
الأربعة.
فلنتخطى قليلا فنقول: إن الجسم الحى جسم مركب طبيعى يمايز غير الحى
بنفسه لا ببدنه، و يفعل الأفاعيل الحيوانية بنفسه لا ببدنه، و هو حي بنفسه لا
ببدنه؛ و نفسه فيه، و ما هو فى الشيء و هذه صورته، فهو صورته. فالنفس إذن صورة، و
الصور كمالات، إذ بها تكمل هويات الأشياء، فالنفس كمال. و الكمالات على قسمين: إما
مبادئ الأفاعيل و الآثار، و إما ذات الأفاعيل و الآثار، و أحدهما أول و الآخر ثان؛
فالأول هو المبدأ، و الثانى هو الفعل و الأثر. فالنفس كمال أول لأنها مبدأ، لا
صادرة عن المبدإ. و الكمالات منها ما هى للأجسام، و منها ما هى للجواهر الغير
الجسمانية، فالنفس كمال أول لجسم؛ و الأجسام منها ما هى صناعية، و منها ما هى
طبيعية. و النفس ليس بكمال جسم صناعى، فهى كمال أول لجسم طبيعى. و الأجسام
الطبيعية منها ما تفعل أفاعيلها بآلات، و منها ما لا تفعل أفاعيلها بآلات كالأجسام
البسيطة و الفاعلة بغلبة القوى البسيطة. و إن شئنا قلنا: إن الأجسام الطبيعية منها
ما من شأنها أن تصدر عن ذواتها أفاعيل حيوانية، و منها ما ليس ذلك من شأنها. ثم
النفس ليست بكمال للقسمين الأخيرين من كلا الوجهين. فإذن تمام حدها أن يقال: إنها
كمال أول لجسم طبيعى آلى، و إن شئنا قلنا: كمال أول لجسم طبيعى ذى حياة بالقوة، أى
مصدر الأفاعيل الحيوانية بالقوة. فإذن قد قسمنا النفس الجنسية و حددناها؛ و ذلك ما
أردنا بيانه.
نام کتاب : رسالة في النفس و بقائها و معادها نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 153