نام کتاب : رسالة في النفس و بقائها و معادها نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 152
الفصل الثّاني فى تقسيم القوى النفسانية بالقسمة الأولى و تحديد
النفس على الإطلاق
قد سبق منا إيضاح أنّ الأشياء منها ما اشتركت فى شيء، و افترقت فى
آخر، و أن المشترك فيه غير المفترق فيه؛ ثم وجدنا الأجسام المركبة المتنفسة- أعنى
ذوات النفوس- قد اشتركت فى كلتى خاصتى تحريكها و إدراكها. أما فى التحريك، فلأن
كافتها قد اشتركت فى أنها تتحرك فى الكم حركة النمو، و افترقت بأن شطرا منها يتحرك
مع ذلك حركات مكانية بحسب الإرادة، و شطرا منها لا يتحرك كالنبات. و بمثلها
الأجسام الحيوانية قد اشتركت فى أنها حساسة مدركة ضربا من الإدراك الحسى، ثم
افترقت بأن شطرا منها مدرك مع ذلك بالإدراك العقلى، و شطرا منها لا يدرك به،
كالحمار و الفرس. ثم وجدناه قوة التحريك أعم من قوة الإدراك لما رأينا النبات صفرا
عنها، فتحققنا أن القوة التى وقع فيها للحيوان مع النبات اشتراك بها أعم من هذه
القوة المدركة و المحركة التى فى الحيوان، و كل واحدة منها أعم من القوة الناطقة
التى للإنسان، فحصلت لنا القوى النفسانية مرتبة بحسب اعتبار العموم و الخصوص على
ثلاث مراتب: أولاها تعرف بالقوة النباتية لأجل اشتراك الحيوان و النبات فيها؛ و
ثانيتها تعرف بالقوة الحيوانية؛ و ثالثتها تعرف بالقوة النطقية. فإذن الأقسام
الأول للنفس بحسب اعتبار قواها ثلاثة.
و أما القول فى تحديد النفس الكلية، أعنى المطلقة الجنسية، فذلك
سيتضح على ما سأقول: إن من البيّن أنّ كل واحد من الأجسام الطبيعية مركب من هيولى،
أعنى المادة، و من صورة. أما الهيولى فمن خاصيتها أن بها ينفعل الجسم الطبيعى
بالذات، إذ السيف لا يقطع بحديده بل بحدته، التى هى صورته، و إنما ينثلم بحديده لا
بحدته. و منها أن الأجسام
نام کتاب : رسالة في النفس و بقائها و معادها نویسنده : ابن سينا جلد : 1 صفحه : 152