نام کتاب : شرح عيون الحكمة نویسنده : الرازي، فخر الدين جلد : 1 صفحه : 225
و اعلم: أنا اذا قسمنا القياس الى هذه الأقسام الخمسة بهذا الطريق،
لم يكن تقسيم القياس الى هذه الأنواع الخمسة تقسيما دائرة بين النفى و الاثبات، بل
تقسيما بحسب الاستقراء و للوجدان.
المسألة الثانية فى بيان أن القياس المؤلف من المشهورات و المسلمات
لم سمى بالقياس الجدلى؟
لقائل أن يقول: ان لفظ الجدلى مشعر بالمنازعة، و المخاصمة، فان
المتناظرين اذا لم يكن بينهما منازعة و معاندة، بل كانا يتخاطبان على سبيل قدح زند
الفائدة، لم يحسن أن يقال: انهما متجادلان، و ما السبب فى تسمية القياس المؤلف من
المشهورات و المسلمات بالقياس الجدلى؟
فنقول: السبب فيه أمور:
أحدهما: أن المشهورات قد لا تكون حقه. و ربما تنبه الخصم لكونها غير
حقة، فنازع فيها. و ان كانت حقة لكن حقيتها غير معلومة بالبديهة. فلا جرم ينازع
فيها.
و الثاني: ان كل واحد من طرفى النقيض قد يكون مشهورا، فان من أراد أن
يمنع غيره من السفر و تبديل الأحوال، قال: فى الثبات ثبات. و هذه كلمة محمودة
مشهورة و ان أراد الترغيب فى السفر و الحركة، قال: فى الحركة بركة. و هذه الكلمة
أيضا محمودة مشهورة.
و هما متعاندان. فثبت: أن التمسك فى اثبات مطلوب بالمشهورات و
المسلمات فى معرض أن ينازعه خصمه من هذه الجهات (المشهورة) و حينئذ يصير محتاجا
الى ترجيح المشهور، الذي تمسك به، على المشهور الذي عارض خصمه به. و بهذا الطريق
تنفتح أبواب المنازعات و المخاصمات. و لما كان المعول فى اثبات مطلوبه على
المشهورات و المسلمات، و لم [2] ينفك فى أكثر الأمور عن هذه المنازعات و المخاصمات،