و إذ عرفت ذلك فلا يخفي عليك اجراءه في المبحث، لأنّه لايوجب تغيّراً
سوى تبديل أحد اللّفظين بالآخر.
[جواب آخر للشبهة]
ثمّ قد أجاب بعضهم عن الشّبهة بأنّ قولنا: «المعدوم المطلق لايخبر
عنه» بالإيجاب كلام موجب صادق لاينتقض بنفسه، إذ لميقع فيه الخبر عن أفراد
المعدوم المطلق كما في القضايا المتعارفة، إذ لا أفراد له خارجاً وذهناً ولا عن
طبيعته كما في الطّبيعيّة، إذ لا طبيعة له، بل حكم فيه على عنوان لأمر باطل
الذّات، وهذا العنوان من أفراد الموجود، وليس فرداً لنفسه. ولكن يحمل على نفسه
بالحمل الذّاتي، فهو من حيث كونه موجوداً يوجب صحّة الخبر عنه، ومن حيث إنّه عنوان
المعدوم المطلق وقع الإخبار عنه بعدم الإخبار عنه؛ فإذاً في هذا الموضوع من حيث
مفهومه ومن حيث وقوعه مخبراً عنه اعتباران متناقضان في الصّدق على شيء، لكنّهما
اجتمعا فيه بوجود آخر.
فإنّ الموجود والمعدوم متناقضان في الصّدق بشرط وحدة الموضوع، وأمّا
إذ أريد بأحدهما المفهوم وبالآخر الموضوع فلاتناقض بينهما. فمفهوم المعدوم المطلق
94// يجوز أن يكون موضوعاً للموجود، فهو بنفسه معدوم مطلق، وهو بعينه فرد للموجود
المطلق لاختلاف الحملين، وهذا الخبر وفي هذا الحكم أيضاً اعتباران متتاقضان ولكن
اجتمعا لا من جهة التناقض، فإنّ صحّة الحكم بعدم الحكم وصحّة الإخبار بعدم الإخبار
إنّما هي لأجل أنّ الموضوع في هذه القضيّة معدوم مطلق، فهو بعينه فرد للموجود.
و ما يقال: «إنّ المعدوم المطلق لا وجود له» معناه أنّ ما صدق