نام کتاب : إلهيات المحاكمات نویسنده : الرازي، قطب الدين جلد : 1 صفحه : 393
بالعلّة موجب و العلم بهذه المقدّمة ضروري، و لا يشكّ عاقل في أنّ من
علم جميع علل وجود شيء علم وجوده، و من علم جميع علل عدم شيء علم عدمه. و لمّا
كان ذاته- تعالى- علّة تامّة للمعلول الأوّل لزم من العلم بها العلم به؛ ثمّ إنّه
هو [1] اللّه- تعالى- علّة تامّة [2] لغيره، فيلزم علمه- تعالى- به أيضا. و
هكذا لمّا كان اللّه- تعالى- عالما بالعلل التامّة لجميع الممكنات كان عالما بها
قطعا.
و سيجيء لهذا زيادة تقرير و توضيح.
[70/ 2- 301/ 3] قوله: أما اختلافه بالقياس[3] إلى المدرك.
إذا كان المدرك مادّيا يتوقّف
[4] العلم به على الإحساس و انتزاع صورته. فيكون المجرّد عن المادّة
أتمّ في المدركية.
[71/ 2- 302/ 3] قوله: عقلت مادون الأوّل من الأوّل تعقّلا دون
التعقّل الأوّل.
أمّا أوّلا: فلأنّ تعقّلها من الأوّل انفعالي و علم الأوّل فعلي.
و أمّا ثانيا: فلأنّ الأوّل لمّا كان منقطع العلائق عن المادّة لا
يشوبه شاغل و لا يحجبه عن غيره حاجب [5] كان إدراكه أتمّ؛ إذ قوّة الإدراك و ضعفه بحسب التجرّد عن المادّة و
عدمه؛ فما كان أقوى تجرّدا كان أقوى إدراكا. و أمّا العقول فلمّا كان وجوداتها
مقترنة بالماهيّات و الماهيّة كالمادّة ففيها شائبة من المادّة [6] فلا جرم يكون إدراكها أدون مرتبة من
إدراك الأوّل.
و اعلم! أنّ كلام الشارح إنّ إدراك العقول للأوّل [7] بإشراق الأوّل، لأنّه معقول لذاته و
المعقول عاقلة لذاتها، فهي تعقّله بإشراق الأوّل، و أمّا إدراك ما [8] دون الأوّل فمن الأوّل أيضا، لكنّه
دون إدراك الأوّل إيّاه، و هذا لأنّه يوهم أنّ الضمائر في قوله: «و لما بعده منه
من ذاته»، يعود إلى «الأوّل» حتّى يكون معنى الكلام: أنّ إدراك العقول لما بعد
الأوّل من