نام کتاب : علم البيان نویسنده : عبد العزيز عتيق جلد : 1 صفحه : 98
فالمشبه هنا هو الصبح و المشبه به هو غرّة مهر أشقر، و هذا تشبيه
مقلوب، لأن العادة في عرف الأدباء أن تشبّه غرّة المهر بالصبح، لأن وجه الشبه و هو
البياض أقوى في الصبح منه في المهر. و لكن الشاعر عدل عن المألوف، و قلب التشبيه للمبالغة،
بادّعاء أن وجه الشبه أقوى في غرّة المهر منه في الصبح.
فالمشبّه هنا أيضا هو ضوء الصباح في أول تباشيره، و المشبه به هو وجه
الخليفة عند سماعه المديح. فالتشبيه كما ترى مقلوب، و الأصل فيه هو العكس، لأن
المألوف أن يشبّه الشيء دائما بما هو أقوى و أوضح منه في وجه الشبه؛ ليكتسب منه
قوة و وضوحا. و لكن الشاعر تفننا منه في التعبير عكس القضية و قلب التشبيه
للمبالغة و الإغراق بادّعاء أن الشبه أقوى في المشبّه.
و منه قول البحتري مادحا:
كأن سناها بالعشيّ لصبحها
تبسّم عيسى حين يلفظ بالوعد
شبّه البحتري برق السحابة الذي ظلّ لّماعا طوال الليل بتبسم الممدوح
حين يعد بالعطاء، و لا شك أن لمعان البرق أقوى من بريق الابتسام، فكان المألوف أن
يشبّه الابتسام بالبرق على عادة الشعراء، و لكن البحتري قلب التشبيه تفننا في
التعبير و التماسا للمبالغة بادّعاء أن وجه الشبه أقوى في المشبّه.