نام کتاب : علم البيان نویسنده : عبد العزيز عتيق جلد : 1 صفحه : 102
يؤتى به ليفيد أن الحكم الذي أسند إلى المشبه ممكن.
و بيان ذلك أن الكاتب أو الشاعر قد يلجأ عند التعبير عن بعض أفكاره
إلى أسلوب يوحي بالتشبيه من غير أن يصرّح به في صورة من صوره المعروفة.
و من بواعث ذلك التفنّن في أساليب التعبير، و النزوع إلى الابتكار و
التجديد، و إقامة البرهان على الحكم المراد إسناده إلى المشبه، و الرغبة في إخفاء
معالم التشبيه، لأنه كلما خفي و دقّ كان أبلغ في النفس.
و لنأخذ مثالا لذلك، و هو قول أبي فراس الحمداني:
سيذكرني قومي إذا جدّ جدّهم
و في الليلة الظلماء يفتقد البدر
فهو هنا يريد أن يقول: إن قومه سيذكرونه عند اشتداد الخطوب و الأهوال
عليهم و يطلبونه فلا يجدونه، و لا عجب في ذلك لأن البدر يفتقد و يطلب عند اشتداد
الظلام.
فهذا الكلام يوحي بأنه تضمن تشبيها غير مصرّح به؛ فالشاعر يشبّه ضمنا
حاله و قد ذكره قومه و طلبوه فلم يجدوه عند ما ألّمت بهم الخطوب بحال البدر يطلب
عند اشتداد الظلام. فهو لم يصرّح بهذا التشبيه و إنما أورده في جملة مستقلة و ضمنه
هذا المعنى في صورة برهان.
و لنأخذ مثالا آخر و هو قول البحتري:
ضحوك إلى الأبطال و هو يروعهم
و للسيف حدّ حين يسطو و رونق
فممدوح البحتري يلقى الشجعان بوجه ضاحك و هو يروعهم و يفزعهم في
الوقت ذاته ببأسه و سطوته، و كذلك السيف له عند القتال و الضرب رونق و فتك. و هذا
كلام يشمّ منه رائحة التشبيه الضمني.
نام کتاب : علم البيان نویسنده : عبد العزيز عتيق جلد : 1 صفحه : 102