نام کتاب : شرح كتاب سيبويه نویسنده : السيرافي، ابو سعید جلد : 1 صفحه : 455
اليقين، أو بعد ما يبتدئ، و هو يريد اليقين ثم يدركه الشك، كما
تقول:" عبد اللّه صاحب ذاك بلغني"، و كما قال:" من يقول ذاك
تدري"، فأخر ما لم يعمل في أول كلامه. و إنما جعل ذلك فيما بلغه بعد ما مضى
كلامه على اليقين).
يعني:" زيد قائم ظننت".
و قوله: (و بعد ما يبتدئ و هو
يريد اليقين).
يعني:" زيد ظننت قائم".
و قوله: (ثم يدركه الشك).
يكون هذا على أحد وجهين: إما أن
يبتدئ كلامه و ليس في قلبه منه مخالجة شك، فإذا مضى كله أو بعضه على لفظ اليقين
يعني:" زيد قائم ظننت" لحقه فيه الشك، كما تقول:" عبد اللّه
أمير"، على طريق الإخبار بذلك، و" عبد اللّه صاحب ذاك"، و أنت لم
تشاهده، و إنما خبرت به، فيجب أن تستظهر في خبرك، فتقول:" بلغني" أي:
هذا الذي قلته فيما بلغني، لا فيما شاهدته. و لو قدمت" بلغني" لم يجز أن
تقول:" بلغني عبد اللّه أمير"؛ لأن" بلغني" فعل و لا بد له من
فاعل، و" عبد اللّه أمير" جملة، و لا تكون فاعله، و لكن تقول:"
بلغني إمارة عبد اللّه"، و" بلغني أن عبد اللّه أمير". و إذا
قلت:" عبد اللّه صاحب ذاك بلغني"، ففاعل" بلغني" مضمر فيه،
كأنك قلت:" بلغني ذاك الأمر، أو ذاك البلاغ"، كما تقول:" من يقول
ذاك بلغني"، كما تقول:" من يقول ذاك تدري؟" مستفهما، فيرتفع
بالابتداء،" و يقول" خبره، و" تدري" ملغي، و لو قدمته
لعمل" تدري" في" من"، و صارت" من" بمعنى الذي، و
خرجت عن الاستفهام.
و قد يقول القائل:" زيد ظننت
قائم"، و" زيد قائم ظننت"، و هو في أول كلامه شاك، غير أنه لا يعمل
الشك، كما يقول القائل:" زيد أمير"، و هو يضمر" عندي"
أو" في ظني"، فإذا جاز هذا، جاز أن يظهر ما أضمر، و يكون الكلام على
حاله، كما قال اللّه تعالى: قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ
لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ،
فقال المسؤول:" لبثت يوما أو بعض يوم" على ما كان عنده الأغلب.
قال: (فإذا ابتدأ كلامه على ما
في نيته من الشك أعمل الفعل قدم أو أخّر، كما