نام کتاب : شرح كتاب سيبويه نویسنده : السيرافي، ابو سعید جلد : 1 صفحه : 355
عظّمه غيره، فصار بما عظموه عظيما، و هو تبارك و تعالى عظيم، لا بأحد
أصاره إلى العظمة.
و فيه وجه رابع: و هو أن الألفاظ
الجارية منا على معان، لا تجوز على اللّه تعالى، فإذا رأينا تلك الألفاظ مجراة
عليه حملناها على ما يجوز في صفاته و يليق به. ألا ترى أن الامتحان منا و الاختبار
إنما هو بمنزلة التجربة، و إنما يمتحن و يختبر منا من يريد أن يقف على ما يكون، و
هو غير عالم به، و اللّه تعالى يمتحن، و يختبر و يبلو بمعنى الأمر، لا بمعنى
التجربة، و هو عالم بما يكون.
و من ذلك أن" لعل"
يستعمله المستعمل منا عند الشك، و إذا جرى في كلام اللّه، فإنما هو بمعنى"
كي" و" كي" يقع بعدها الفعل الذي هو غرض ما قبله كقوله تعالى:
وَ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ
جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ معناه:
كي تفلحوا. فالفلاح هو الغرض الذي من أجله أمرهم بالتوبة. و مثل هذا كثير.
فيكون قولنا في اللّه:" ما
أعلمه، و ما أعظمه" بمنزلة الإخبار منا بأنه عظيم، و لا يقدر فيه شيء أعظمه،
و إن كان تقديره في غيره على ما ذكرنا من الجواب الرابع.
و قال الفراء و من تابعه من
الكوفيين: إن قولنا:" ما أحسن عبد اللّه"، أصله" ما أحسن عبد
اللّه"، و أن" أحسن" اسم كان مضافا إلى" عبد اللّه"، و
كان المعنى فيه الاستفهام. ثم إنهم عدلوا عن الاستفهام إلى الخبر، فغيروا"
أحسن" ففتحوه، و نصبوا" عبد اللّه"، فرقا بين الخبر و الاستفهام.
و هذا قول لا دليل عليه، و هو أيضا
يفسد؛ لأنه يقال: بأي شيء نصبت أحسن، و" ما" هي مبتدأه، و"
أحسن" خبرها، و هو اسم، و حكم الاسم المبتدأ إذا كان خبره اسما مفردا أن يكون
مرفوعا مثله، و التفريق بين المعاني لا يوجب إزالة الإعراب عن وجهه، و من ذلك أنا
نقول:" ما أحسن بالرجل أن يصدق"، و لو كان أصله الإضافة لم يفصل بين
المضاف و المضاف إليه" بالياء"، ألا ترى أنا نقول:" ما أحسن بالرجل
الصدق".
و احتج القائل بأن"
أحسن" اسم بقول العرب:" ما أحيسن زيدا" كما قال الشاعر: