نام کتاب : شرح كتاب سيبويه نویسنده : السيرافي، ابو سعید جلد : 1 صفحه : 346
أكلتم أرضنا فجزرتموها
فهل من قائم أو من حصيد
و من روى البيت بالنصب أنشد
الأبيات منصوبة، و لم يرو هذا البيت المجرور.
قال سيبويه بعد إنشاده البيت:
(لأن الباء دخلت على شيء لو لم تدخل عليه لم يخل بالمعنى، و لم يحتج إليه لو كان
نصبا، ألا تراهم يقولون:" حسبك هذا و بحسبك هذا" فلم تغير الباء معنى، و
جرى هذا مجراه قبل أن تدخل الباء؛ لأن" بحسبك" في موضع ابتداء).
و هذا بيّن؛ لأن الباء إذا كانت
زائدة، فكأنها ليست في الكلام، فجاز حمل الثاني على الأول، و كأن الباء ليست فيه.
قال: (و مثل ذلك قول لبيد:
فإن لم تجد من دون عدنان والدا
و دون معدّ فلتزعك العواذل)
و كان الوجه أن يقول:" و دون
معدّ"، عطفا على" من دون عدنان"، و لكنه نصبه على الموضع، كأنه
قال: فإن لم تجد دون عدنان.
فإن قلت:" ما زيد على قومنا و
لا عندنا"، كان النصب في" عندنا" لا غير، و لا يجوز" و لا
عندنا" حملا على" قومنا"؛ لأن" عند" لا يجوز أن تدخل
عليها" على". لا تقول:" زيد على عندنا"، و لا تستعمل"
عند" إلا ظرفا و لا يدخل عليها من حروف الجر إلا" من".
قال: (و تقول:" أخذتنا
بالجود و فوقه"؛ لأنه ليس في كلامهم و بفوقه).
و معنى هذا الكلام: أخذتنا السماء
بالجود من المطر، و بمطر فوق الجود، و لم يجز جر" فوق" عطفا على"
الجود"؛ لأن العرب لا تكاد تدخل الباء على" فوق"؛ لا يقولون:
" أخذتنا بفوق الجود" إنما يقولون:" أخذتنا بمطر
فوق الجود"، و لو جررت لجاز، و ليس الاختيار. ثم أنشد بيتين في مثل معنى
البيت المتقدم و هو قول كعب بن جعيل:
إلا حيّ ندماني عمير بن عامر
إذا ما تلاقينا من اليوم أو غدا
فنصب" غدا"، و لم يعطفه
على اليوم، كأنه قال:" إذا ما" تلاقينا اليوم أو غدا. و قال
[1] الديوان 131 ق 38/ 7، الخزانة 1/ 339، سر الصناعة 1/ 147.