نام کتاب : شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب نویسنده : ابن هشام الأنصاري جلد : 1 صفحه : 209
و قول الآخر:
83- رأين الغواني الشّيب لاح
بعارضي
فأعرضن عنّي بالخدود النواضر
و قد حمل على هذه اللغة آيات من
التنزيل العظيم: منها قوله سبحانه:
وَ أَسَرُّوا النَّجْوَى
الَّذِينَ ظَلَمُوا[الأنبياء،
3] و الأجود تخريجها على غير ذلك، و أحسن الوجوه فيها إعراب
الَّذِينَ ظَلَمُوا* مبتدأ، وَ
أَسَرُّوا النَّجْوى* خبرا.
[الثالث من المرفوعات: المبتدأ و هو نوعان]
ثم قلت: الثالث المبتدأ، و هو:
المجرّد عن العوامل اللّفظيّة: مخبرا عنه، أو وصفا رافعا لمكتفى به؛ فالأوّل ك
«زيد قائم» و وَ أَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ و
هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ و الثّاني شرطه نفي أو استفهام،
نحو «أقائم الزّيدان» 83- هذا بيت من الطويل، و ينسبه بعض الرواة
لأبي عبد الرحمن محمد بن عبد اللّه العتبي، من ولد عتبة بن أبي سفيان، و هو من
شواهد ابن عقيل (رقم 145) و الأشموني (رقم 360) و في وحشيات أبي تمام (ص 290
المعارف) «و يقال: لعمر بن أبي ربيعة» و ينسب لأبي الشبل، و في العقد الفريد 3/ 46
لمحمد بن أبي أمية.
اللّغة: «الغواني» جمع غانية، و هي
المرأة التي استغنت بجمالها عن الزينة، أو هي التي غنيت بزوجها عن التطلع إلى
الرجال، أو هي التي غنيت ببيت أبيها عن الأزواج لكونها في رفاهية عيش و رغد
«النواضر» الجميلة، مأخوذة من النضرة، و هي الحسن و الرواء، و واحد النواضر ناضر.
الإعراب: «رأين» رأى: فعل ماض، و
النون علامة جمع المؤنث، و رأى هنا بصرية فلا تحتاج إلا إلى مفعول واحد، «الغواني»
فاعل رأى، «الشيب» مفعول به لرأى «لاح» فعل ماض، و فاعله ضمير مستتر فيه جوازا
تقديره هو يعود إلى الشيب، و جملة الفعل و فاعله في محل نصب حال من الشيب،
«بعارضي» بعارض: جار و مجرور متعلق بلاح، و عارض مضاف و ياء المتكلم مضاف إليه،
«فأعرضن» الفاء حرف عطف، أعرض: فعل ماض، و النون ضمير جماعة النسوة فاعل، «عني» جار
و مجرور متعلق بأعرض، «بالخدود» جار و مجرور متعلق بأعرض أيضا، «النواضر» صفة
للخدود.
الشّاهد فيه: قوله «رأين الغواني»
حيث وصل الفعل- الذي هو رأى- بنون النسوة في قوله «رأين» مع ذكر الفاعل الظاهر- و
هو قوله «الغواني» و هذه النون ليست ضميرا مثلها في قوله «فأعرضن» بل هي علامة جمع
الإناث مثل تاء التأنيث في نحو قولك «قامت هند».