responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني نویسنده : الجرجاني، عبد القاهر    جلد : 1  صفحه : 247

يبين ذلك قوله تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ [المائدة:

73] و قد استقرّ في العرف أنهم إذا أرادوا إلحاق اثنين بواحد في وصف من الأوصاف، و أن يجعلوهما شبيهين له، قالوا: «هم ثلاثة»، كما يقولون إذا أرادوا إلحاق واحد بآخر و جعله في معناه: «هما اثنان»، و على هذا السبيل كأنهم يقولون:

«هم يعدّون معدّا واحدا»، و يوجب لهم التساوي و التّشارك في الصفة و الرّتبة، و ما شاكل ذلك.

و اعلم أنه لا معنى لأن يقال: إنّ القول حكاية، و أنه إذا كان حكاية لم يلزم منه إثبات الآلهة، لأنه يجري مجرى أن تقول: «إنّ من دين الكفّار أن يقولوا: الآلهة ثلاثة»، و ذلك لأن الخطاب في الآية للنّصارى أنفسهم. أ لا ترى إلى قوله تعالى: يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَ لا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَ كَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى‌ مَرْيَمَ وَ رُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ لا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ‌ [النساء: 171]. و إذا كان الخطاب للنصارى، كان تقدير الحكاية محالا، «فلا تقولوا» إذن في معنى: «لا تعتقدوا»، و إذا كان في معنى الاعتقاد، لزم إذا قدر «و لا تقولوا آلهتنا ثلاثة»، ما قلنا إنّه يلزم من إثبات الآلهة. و ذلك لأنّ الاعتقاد يتعلق بالخبر لا بالمخبر عنه. فإذا قلت: «لا تعتقد أن الأمراء ثلاثة»، كنت نهيته عن أن يعتقد كون الأمراء على هذه العدّة، لا عن أن يعتقد أن هاهنا أمراء. هذا ما لا يشكّ فيه عاقل. و إنما يكون النّهي عن ذلك إذا قلت: «لا تعتقد أن هاهنا أمراء»، لأنك حينئذ تصير كأنك قلت: لا تعتقد وجود أمراء.

هذا، و لو كان الخطاب مع المؤمنين، لكان تقدير الحكاية لا يصحّ أيضا. ذاك لأنه لا يجوز أن يقال: «إن المؤمنين نهوا عن أن يحكوا عن النصارى مقالتهم، و يخبروا عنهم بأنهم يقولون كيت و كيت»، كيف؟ و قد قال اللّه تعالى: وَ قالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَ قالَتِ النَّصارى‌ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ‌ [التوبة: 30]؟ و من أين يصحّ النهي عن حكاية قول المبطل، و في ترك حكايته ترك له و كفره، و امتناع من النّعي عليه، و الإنكار لقوله، و الاحتجاج عليه، و إقامة الدّليل على بطلانه، لأنه لا سبيل إلى شي‌ء من ذلك إلّا من بعد حكاية القول و الإفصاح به، فاعرفه.

نام کتاب : دلائل الإعجاز في علم المعاني نویسنده : الجرجاني، عبد القاهر    جلد : 1  صفحه : 247
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست