/ ثم أتبعوا سائر حروف المضارعة الحذف لئلا يختلف طريق الفعل، و الهمزة
المحذوفة هي الثابتة لأن الأولى دخلت لمعنى فكان حذف التي لا معنى لها أولى، و
أيضا فإن الثانية هي الموجبة لثقل الكلمة إذ كانت الأولى لا تثقل بها الكلمة فكان
الموجب للثقل[1]أولى
بالحذف.
فإن قال قائل: فلم اختلف أول أفعال المضارعة، و كان الرباعي منها
مضموم الأول و ما عداه مفتوح الأول؟
فالجواب في ذلك أن الأصل الفتح في جميع ذلك، و إنما وجب الفتح لأنه
أخف الحركات، و نحن نتوصل به إلى الابتداء كما نتوصل بالضم و الكسر فكان استعمال
(الفتح أخف)[2]و
أولى[3]إلا
أن المضارع من الفعل الرباعي إذا كان أول الماضي همزة و قد بيّنا أنه يجب إسقاطها
فيصير لفظ المضارع على أربعة أحرف في الرباعي فيصير كمضارع الفعل الثلاثي، فلو
بقيناه مفتوحا التبس بالثلاثي فضم أول مضارع الرباعي ليفصل بينه و بين مضارع
الثلاثي ثم أتبع سائر مضارع الرباعي لهذا القسم[4]لئلا يختلف طريقه و يجري الفعل على
طريق واحد.
فإن قيل: فلم كان الفصل بالضم أولى؟
قيل له: لأن الضم هو الأصل و الكسر مستثقل[5]، إذ كان الجر قد منع من الفعل فلم
يبق إلا الضم.
[3]كتبت الجملة دون ترتيب. فكان خف استعمال
الفتح و أولى، و قد أثبت ما يناسب المعنى.
[4]قال ابن الحاجب في كافيته:" ... و أصل
الأفعال ثلاثي و رباعي، فتحت حروف المضارعة في الثلاثي لأن الفتح لخفته هو الأصل،
فكان بالثلاثي الأصل أولى، أو لأن الرباعي أقل فاحتمل الأثقل الذي هو الضم
.." 2/ 227- 228.
[5]جاء في الكافية أيضا:" ... و تركوا
الكسر لأن الياء من حروف المضارعة يستثقل عليها، و كسر حروف المضارعة إلا الياء
لغة غير الحجازيين إذا كان الماضي مكسور العين ... فلما ضموا في الرباعي الأصلي
حروفه، حمل عليه الرباعي المزيد فيه، كيفاعل، و يفعّل، و بقي غير الرباعي على أصل
الفتح لخفته ..." 2/ 228.