أحدهما: أن أصغر الحركات الضم لأنها تخرج من بين الشفتين و تضم عليه
الشفتان، و ليس الفتح كذلك و لا الكسر؛ لأن الفتح يخرج من الحلق، و ما خرج من
الحلق لا يوجب انضمام/ الشفتين و الكسر يخرج من وسط اللسان و لا يوجب ذلك انضمام
الشتفتين فجعلوا الحركة الصغرى أولى بالمصغّر ليشاكل معناه، و فتحوا ثانيه لأن
الفتح متسع المخرج و فيه بيان الضم.
و الوجه الثاني: أن المصغّر قد صار متضمنا للمكبر فشابه فعل ما لم
يسم فاعله فوجب ضم أول المصغر، و ممكن أن يعتل بعلّة أخرى و هو أن يقال إن المصغر
لما كان له بناء واحد جمع له جميع الحركات التي تختلف في الأبنية للزومه طريقة
واحدة.
فإن قال قائل: فلم وجب أن يلزم التصغير وجها واحدا و لم تختلف أبنيته
اختلاف الجمع؟
فالجواب في ذلك أن الجمع يكون قليلا و كثيرا و ليس له غاية ينتهي
إليها[1]، و قد خص بأسماء تدل على القلة و الكثرة كالآحاد و العشرات و المئين و
الألوف و ما زاد على ذلك أيضا من تضاعيفها، و التصغير إنما الغرض فيه الإخبار عن
تحقير، و ذلك أن التصغير اسم أقيم مقام الوصف فاختص هذا الوصف بالتحقير و جعل
تغييرها زيادة بدلا من قولهم حقير و كان هذا معنى واحدا وجب أن يلزم لفظا واحدا
فلهذا خالف حكم الجمع.
فإن قال قائل: التصغير تقليل[2]للشيء فكيف صار لفظه بزيادة حرف
عليه؟