تقول: أيهما عندك؟ فلو قلت: أ زيد عندك أم عمرو عندك؟ لكان هذا
الكلام سؤالين، و لم تكن (أم) مع الألف بمنزلة (أي)، ألا ترى أنك لو جمعت الاسمين
إلى جنب (أي) لصار اللفظ: أيهما عندك؟ فيكون الظرفان من غير فائدة و تكريرهما على
هذا السبيل فاسد، فلا يصير بمنزلة (أي) و صار السؤالان مفردين و كذلك/ إذا كان
قبل الاستفهام ألف فهو سؤال مبتدأ فيها إضراب عما قبلها خبرا كان أو استفهاما
فلهذا شبهوها ب (بل) فيها إضرابا عما قبلها، و أما (أم) فهي و إن دخلها معنى
الإضراب عما قبلها فمعنى الاستفهام حاصل، و تخالف الألف من جهة أن الألف مبتدأ بها
في الاستفهام، كقولك: أزيد عندك؟ و (أم) لا يبتدأ بها؛ لأنها قد أدخلت بعد الألف
عاطفة ما بعدها على ما يلي الألف، فلما أدخل (أم) في حروف العطف و حروف العطف لا
يبتدأ بها لم يجز الابتداء بها لما ذكرناه.
و اعلم أن (أم) دخلها معنى التسوية
بين الشيئين في الجهالة، نحو قولك: زيد عندك أم عمرو، فلما ساغ فيها هذا المعنى
جاز أن يستعار في كل موضع أردنا فيه التسوية بين الشيئين كقولك: قد علمت أزيد عندك
أم عمرو، فمعنى هذا الكلام خبر و لفظه استفهام، و إنما دخل الاستفهام هاهنا لما
أردنا من معنى التسوية بين الاسمين في العلم و الفائدة في ذلك.
إن المتكلم أراد أن يعلم المسؤول
أنه قد علم ما كان يسأل عنه، و لم يخرج في اللفظ معينا على الشخص بعينه ليخرج
المسؤول أن يسأله عن ذلك و لضرب من العوض، فلذلك دخلت (أم) و الألف في هذا الموضع
إن شاء اللّه.