إن قال قائل: لم جاز أن يقع الاسم
المرفوع و المنصوب ضميرا منفصلا و لم يكن في المجرور إلا ضميرا متصلا؟ فالجواب في
ذلك: أن المرفوع و المنصوب يجوز أن يفصل بينهما و بين ما عمل فيهما، و المجرور مع
الجار كالشيء الواحد و لا يجوز الفصل فيهما، فلما جاز الفصل في المرفوع و المنصوب
وجب أن يكون لهما ضمير منفصل- و أعني بالمنفصل الذي يقوم بنفسه و لا يتصل بعامل- و
لما كان المجرور لا يجوز انفصاله من عامله لم يكن له إلا ضمير واحد.
فإن قال قائل: هل الاسم أنا جملته
أو بعضه؟
قيل له: الاسم (أن) و الألف زيدت
لبيان حركة النون و الدليل على ذلك أنك إذا وصلت الكلام قلت: أن، فسقطت الألف
كقولك: أنا قمت، و لو كانت الألف من نفس الكلمة لم تسقط، و إنما كانت الألف أولى
بالزيادة لأنها أخف الحروف، و بعض العرب يجعل في موضع الألف الهاء إذا وقف فيقول:
أنه، و هذا يدلك على أن الألف ليست من بناء الاسم، و إنما زيدت لما ذكرنا و إنما
كانت الألف أكثر من الهاء لأنها قد تتصل بالضمير إذ كانت أنّ العاملة قد يتصل بها
ضمير الغائب كثيرا فلذلك كانت الألف أكثر استعمالا في هذا الموضع من الهاء.
و أما أنت فالاسم أيضا منه (أن) و
التاء زيدت للمخاطب و ليس لها موضع من الإعراب لأنها لو كانت لها موضع من الإعراب
لم تخل من أن تكون رفعا، أو نصبا، أو جرا، و التاء ليست من علامات المجرور و لا
المنصوب فسقط أن يكون موضعها نصبا أو جرا، و لم يجز أن يكون رفعا لأن العامل هو أن
في قولك: ما قام إلا أنت، فلو كانت التاء في موضع رفع لكنت قد جعلت للفعل فاعلين
من