اعلم أن المصدر إنما ينصب؛ لأنه
مفعول، ألا ترى أنك إذا قلت: ضربت ضربا فقيل له: ما فعلت؟ فقلت: أحدثت ضربا، فقد بان
لك أن المصدر مفعول فلهذا انتصب.
فإن قال قائل: فهل المصدر أصل
للفعل أو الفعل أصل للمصدر؟
قيل له: بل المصدر أصل للفعل، و
الدليل على ذلك من وجوه:
أحدها: أن المصدر يدل على نفسه
فقط، ألا ترى أنك إذا قلت: ضربت، دل على الضرب و هو الألم الذي يوجد منه، فصار ضرب
يدل على جوهر الضرب، كأنه مصوغ من جوهر ما يدل، إذا أضفته إلى ما صيغ منه دل أنه
منه، و إن كانت صورته مخالفة لصيغة آخر صيغ من ذلك الجوهر، و آخر كذلك و كلها تدل
على ذلك الجوهر فقد صار الجوهر أصلا لها، و كذلك كل فعل يدل على مصدره الذي أخذ
منه، لأن المصدر جوهره الذي يوجد فيه ذلك الفعل.
و وجه آخر: و ذلك أن الفعل يدل على
شيئين، و هما الزمان و المصدر، و المصدر يدل على نفسه فقط فصار الفعل بمنزلة
المركب إذ كان يدل على المصدر و على الزمان، فلما صار في تقدير اثنين و أحد
الاثنين المصدر، و الواحد قبل الاثنين وجب أن يكون قبل الفعل.
و وجه ثالث: أن المصدر يقوم بنفسه
ألا ترى أنك [تقول]/ ضربك حسن،