تكن فاعله في الحقيقة، و إن شئنا جعلنا الرفع في المفعول الذي قام
مقام الفاعل بعلّة أخرى و هي[1]حمله على الفاعل من جهة اشتراكهما
في [أن][2]الفعل
صار خبرا عن المفعول الذي يتعدى الفعل إليه مفعولا آخر كما أقيم مقام الفاعل، قيل:
لا يجب ذلك؛ لأن الفعل ليس يفتقر إلى المفعول كافتقاره إلى الفاعل ألا ترى أنك قد
تقتصر على الفاعل وحده في الفعل المتعدي فلا تذكر المفعول كقولك: ضربت و أكرمت،
فإذا جاز إسقاطه في هذا الموضع من غير إقامة شيء مقامه، فكذلك أيضا إذا أقيم مقام
الفاعل لم يجب أن تقيم غيره مقامه.
فإن قال قائل: لم وجب ضم أول الفعل و كسر ثانيه إذا لم يسم فاعله و
هلّا ترك الفعل على حاله؟ قيل له: إنما يجب تغيير الفعل إذا حذفت الفاعل؛ لأن
المفعول يصح أن يكون فاعلا للفعل، [و][3]هل المفعول فاعل في الحقيقة و قد
قام مقام الفاعل، فلهذا وجب تغيير الفعل، و إنما خص أوله بالضم؛ لأن الضم من
علامات الفاعل، و كان هذا الفعل دالا على فاعله فوجب أن يحرك بحركة ما يدل عليه.
و قد بيّنا في شرح كتاب سيبويه الكلام في هذا و الخلاف فيه، و إنما
نذكر هنا النكت التي لا بد منها و لا يلزم عليها سؤال.
فإن قال قائل: فلم كسر ثانيه؟
قيل: لما حذف فاعله الذي لا يخلو منه جعل لفظ الفعل على بناء لا
يشركه فيه بناء من أبنية الأسماء و لا من أبنية الفعل الذي/ قد سمي فاعله فبني على
هذه الصيغة لهذه العلّة، و لو فتح ثانيه أو حرك بالضم لم تخرج عن الأمثلة التي في
الأسماء.