نام کتاب : الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية نویسنده : المدني، عليخان بن احمد جلد : 1 صفحه : 544
و الأكثر اقتران الجملة المؤكّدة بعاطف، و هو ثمّ خاصّة كما في
الإرتشاف، نحو:
كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ
كَلَّا سَيَعْلَمُونَ [النبا/ 5 و 4]، و يأتي بدونه نحو قوله (ص): و
اللّه لأغزونّ قريشا و اللّه لأغزونّ قريشا. و يجب ترك العاطف عند إيهام التعدّد،
نحو:
ضربت زيدا، إذ لو قيل: ثمّ ضربت
زيدا لتوهّم أنّ الضرب وجد مرّتين، و تراخت إحداهما عن الأخرى، و الغرض أنّه لم
يقع إلا مرّة واحدة.
فإن قلت: إذا قرن المؤكّد بالعاطف،
فهل يكون توكيدا أو عطف نسق؟ قلت:
النّحويّون على أنّه عطف نسق و إن
أفاد التوكيد، و زعم ابن مالك أنّه توكيد لفظيّ، اغتفر فيه الفصل بالعاطف، كذا قال
ابن عادل في تفسيره. أقول: و الصواب ما ذهب إليه ابن مالك، فإنّ العطف في ذلك
نظير العطف في الأوصاف المتعدّدة، و قد مرّ أنّ إطلاق العطف عليها مجاز، فيكون هنا
كذلك، و ان كان المؤكّد هنا اسما ظاهرا أو ضميرا منصوبا منفصلا، فيتكرّر بحسب
الإرادة بلا شرط، نحو قوله (ص): أيّما امراة نكحت نفسها بغير وليّ فنكاحها باطل
باطل باطل، و قوله تعالى [من الطويل]:
574- و إيّاك إيّاك المراء
فإنّه
إلى الشّرّ دعّاء و للشّرّ جالب
و إن كان ضميرا منفصلا مرفوعا جاز
أن يؤكّد به كلّ ضمير متّصل، مرفوعا كان أو منصوبا أو مجرورا مع طبقة في التّكلّم
و الإفراد و التذكير و أضدادها، كقمت أنا، و أكرمتني أنا، و ضربتك أنت، و ضربته
هو، و مررت بك أنت، و به هو، و هكذا، و أجاز بعضهم توكيد المنفصل بالإشارة، و جعل
منه ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ [البقرة/ 85].
الثاني: لا يزيد
تكرار اللفظ في التوكيد على ثلاث مرّات، قال الشيخ عز الدين بن عبد السّلام:
اتّفق الأدباء على أنّ التأكيد في لسان العرب إذا وقع بالتكرار لا يزيد على ثلاث
مرّات قال: و أمّا قوله تعالى في سورة المرسلات
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ [المرسلات/ 15]، في جميع السورة،
فذلك ليس بتوكيد، بل كلّ آية قيل فيها: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ
لِلْمُكَذِّبِينَ في هذه السورة، فالمراد المكذّبون بما تقدّم ذكره قبيل هذا القول،
ثمّ يذكر اللّه معنى آخر، و يقول: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ
لِلْمُكَذِّبِينَ، أي بهذا، فلا يجتمعان على معنى واحد فلا تاكيد. و كذلك
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ [الرحمن/ 13]، في سورة
الرحمن.