إمّا أخذ النسخة من أعمالنا شبيهاً بصور التلفاز، أو الإشعاعات النورية التي تنفصل عن أجسامنا وتبقى تتحرّك وتنفذ حتى بعد فرض انعدام الجسم. وإمّا جمع الآثار التي تخلّف أعمالنا في ما حوالينا شبيهاً بطبعة بصمات الأصابع، وآثار كلّ الانصدامات التي تتحقّق بين أجسامنا وما حوالينا، بل وحتى التي تتحقّق بين الهواء ومخارج الحروف في حالة النطق، وكلّ هذا يؤخذ فيه بعين الاعتبار ضيق نظرنا وقصور تصوّراتنا عن النفوذ إلى أكثر ممّا هو محصور في عوالم الحسّ الدنيوي لنا.
وقد يضاف إلى تصوّر الكتاب لكلّ اُمّة تصوّر كتاب لمجموع الأبرار، وكتاب آخر لمجموع الفجّار استلهاماً من قوله تعالى: ﴿كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّين * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَّرْقُوم﴾[2] وقوله تعالى: ﴿كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الاَْبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُون﴾[3].
ثالثها: كتاب عامّ لجميع الناس، وهذا ما قد يستظهر من مثل قوله تعالى في الآية التي بدأنا بها حديث المعاد: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَاب﴾[4]، أو آية سورة الكهف: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا﴾[5]، أو قوله تعالى: ﴿وَكُلَّ شَيْء أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَام مُبِين﴾[6].