ثم إنّ في الصلح استراحة للمحارب، وراحة من الأجواء العسكرية التي عادة ما تستبعد العقل وتهيمن على المشاعر، ولا تدع فرصة كافية للتفكير في سائر الأمور .. هذا إضافةً إلى أنّ واقع الصلح ينشر الأمن في البلاد.
فلا تنم أيها الوالي على حرير الأماني، وتترك العدو يستعد ويأخذ أهبته، فيما أنت غافل عن التخطيط وإعداد العدّة، فلعلّ العدو طلب الصلح ليأخذك على حين غرّة .. ومع أن حسن الظن صفة حميدة بشكل عام، ولكنها غير حميدة في قبال العدو وصياغة الموقف منه .. علماً أنّ حسن الظن قد ينبعث من إحسان الإنسان وروحه الكبيرة، وقد يتولّد من رغبته في الراحة والدعة والتواكل والكسل، فإذا كان حسن الظن منبعثاً من هذه الحالات السلبية، فعلى الوالي أن يتهم هذا النوع من الظن، وأن يبقى حذراً من احتمال غدر العدو به، لأنّ مجرّد الصلح لا يعني تحوّل العدو إلى الإيمان بالله والانضمام إلى مجتمع المسلمين، واحتسابهم جهة صالحة يوثق بها ويطمئن إليها!