«وَإِنِّي لَأَحْدَثُهُمْ سِنًّا وَأَرْمَصُهُمْ [1] عَيْنًا، وَأَعْظَمُهُمْ بَطْنًا، وَأَحْمَشُهُمْ [2]
سَاقًا، فَقُلْتُ أَنَا يَا نَبِيَّ اللهِ أَكُونُ وَزِيرَكَ عَلَى مَا بَعَثَكَ اللهُ بِهِ».
فأخذ برقبته ثم قال صلى الله عليه واله: «إِنَّ هَذَا أَخِي وَوَصِيِّي وَوَزِيرِي وَخَلِيفَتِي فِيكُمْ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا».
فَقَامَ الْقَوْمُ يَضْحَكُونَ وَيَقُولُونَ لِأَبِي طَالِبٍ عليه السلام: قَدْ أَمَرَكَ أَنْ تَسْمَعَ لِابْنِكَ وَتُطِيعَ» [3]
. وظلّت هذه الدعوة تتراوح بين علي عليه السلام وخديجة عليها السلام ثلاث سنوات، وكان النبي صلى الله عليه واله يصلي بهم في خفاء، ويؤدي بهم مناسك الحج على سنّة الإسلام، حنيفًا بها عما كان يأتيه أهل الجاهلية.
فلقد أُثر عن عبد الله بن مسعود قوله:
«إِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ عَلِمْتُهُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ الله صلى الله عليه واله قَدِمْتُ مَكَّةَ فِي عُمُومَةٍ لِي فَأَرْشَدُونَا إِلَى الْعَبَّاسِ ابْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ إِلَى مَنْ ثَمَ [4] فَجَلَسْنَا إِلَيْهِ، فَبَيْنَا نَحْنُ عِنْدَهُ إِذَ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَابِ الصَّفَا تَعْلُوهُ حُمْرَةٌ وَلَهُ وَفْرَةٌ جَعْدَةٌ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ أَقْنَى الْأَنْفِ بَرَّاقُ الثَّنَايَا أَدْعَجُ الْعَيْنَيْنِ [5] كَثُّ اللِّحْيَةِ [6] دَقِيقُ المَسْرُبَةِ [7] شَثْنُ الْكَفَّيْنِ [8] حَسَنُ الْوَجْهِ مَعَهُ مُرَاهِقٌ أَوْ مُحْتَلِمٌ تَقْفُوهُ
[1] الرمص وسخ يجتمع في موق العين، فإن سال فهو غمص، وإن جمد فهو رمص.
[2] يقال رجل حمش الساقين بمفتوحة فساكنة فمعجمة أي دقيقهما.
[3] بحار الأنوار، ج 18، ص 191.
[4] لعل مراده أنه كان جالسًا عند جماعة هناك.
[5] أي شديد السواد مع سعتها.
[6] مجتمع الشعر: غير طويل.
[7] المسربة: الشعر وسط الصدر إلى البطن.
[8] غليظ الكفين.