responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفكر الإسلامي مواجهة حضاریة نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي    جلد : 1  صفحه : 196

ففي هذه الآيات كما في مئات الآيات الأخرى، تقرير لحقيقتين:

1- إن لله رسالة تُنسب إليه وتُضاف إلى اسمه، إنها رسالة الله وكلامه.

ورغم أن كل شيء هو من الله، فإن للرسالة إضافة خاصة إليه، نابعة من أن الرسالة إنما هي خرق لسنة الله سبحانه في خلق الأشياء عن طريق أسبابها؛ فهي موهوبة للإنسان بطريق مباشر بينما أوجد الله سبحانه سائر الأشياء بطريق الأسباب الظاهرة.

إذًا فالرسالة آتية بطريق غيبي لا بطريق عادي.

2- إن الله- حينما يُنزل رسالة- يُحمِّلها رجلًا مصطفى من عباده عن علم واختيار. فالرجل الموحى إليه ليس بشيء لولا الوحي. ومن هنا يأتي الاختلاف بينه وبين العباقرة والنوابغ الذين ترتفع بهم العظمة الشخصية إلى قمم الحياة دون أن يكون للغيب أي تأثير في عظمتهم.

هكذا يُحدِّد الله واقع الرسالة، وهكذا يدَّعي الرسل أنفسهم.

ولكن الماديين الذين يبغون الحقائق عوجًا، يخترعون لكلمة الرسول والرسالة معنى جديدًا، ويقولون: إنما الرسول إنسان عبقري يتمتع بمواهب وافرة ترفعه مكانًا محمودًا عند الناس، شأنه شأن الألوف من العباقرة في التاريخ، ولا فرق إذًا بينه وبين أي عظيم آخر.

فالعظماء كلهم من فصيلة واحدة ويجب أن ينظر إليهم بالإجلال دون أي اعتبار لاتجاهاتهم الفكرية، أهي مستقيمة أم منحرفة، ولا ملاحظة لأعمالهم أهي صالحة أم مُضرة، ولا تقييم لمنجزاتهم أهي مفيدة للإنسانية أم لا. ذلك لأن كُلًّا منهم يملك موهبة تميزه عن سائر الناس وتجعلنا نُقدِّره بها تقديرًا.

ويقولون: إن محمد بن عبد الله (ص) لا يختلف شيئًا عن أبي سفيان. كما أن عليًّا (ع) خليفة محمد (ص) لا يفترق عن معاوية بن أبي سفيان. أما إبراهيم وموسى وعيسى والنبيين (عليهم السلام) فليسوا إلَّا نظراء أديسن وروسو وماركس. لأولئك مواهب ولهؤلاء مواهب، فهم جميعًا رسل الله إلى البشرية وليست الرسالة سوى إنجاز تلك المواهب، سواء كانت في طريق مشروع أم غير مشروع، يحبها الله أم يبغضها.

ويزعمون أن كل كاتب وشاعر ومفكر فهو رسول من عند الله، أبى الله أم رضي، ولكل منهم رسالة أحب الله ذلك أم كره.

نام کتاب : الفكر الإسلامي مواجهة حضاریة نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي    جلد : 1  صفحه : 196
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست