responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفكر الإسلامي مواجهة حضاریة نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي    جلد : 1  صفحه : 178

أما العقل فإنه يدعو إلى المثل العليا والخير، ويفضلها على الشهوات العاجلة، ويدعو إلى الطاعة الصادقة، وأخيرًا إلى الإيمان بالله سبحانه والتسليم له ما دام ذلك كله يؤدي إلى حسن الثواب وحسن المصير، وما دام ذلك هو الحق والعدل اللذين يأمر بهما العقل.

جيم: وليس للإنسان من عمل إلَّا ويتأثر بنشاط إحدى هاتين القوتين، وبمدى إفساح المجال لواحدة منهما للعمل في ساحة النفس تنسحب الأخرى؛ للطبيعة المضادة بينهما، فإذا اختار الإنسان الجهل على العقل وأطاع الهوى واتَّبع الشهوات وترك الحق والعدل فقد أمات عقله؛ لأنه لم يترك مجالًا لطاعته في اتِّباع الهدى والعمل بالحق والعدل، فيتغلب لديه الجهل على العقل. ويكون العكس تمامًا إذا اختار العقل على الجهل؛ حيث لا يدع مجالًا للجهل ولا لحب الشهوات العاجلة واللذائذ القريبة المتواضعة.

دال: وتبقى النفس البشرية مُتوتِّرة بفعل هذه المنازعة حتى يتغلب أحد الجانبين على الآخر بالعمل به أو التفكير فيه، فإذا غلب الجهل على العقل ذهب نور العقل وطبع على النفس بطابع الكفر، وأصبح الفرد- حينئذ- لا يسمع ولا يُبصر ولا يفقه شيئًا.

إن هذا الفرد لا يُرجى منه الخير أبدًا، إذ إن القوة التي كان يعمل بها الخير قد ذهبت إلى غير رجعة، وتُدعى هذه الحالة في منطق الدين بالجحود والعناد. وإذا غلب العقل على الجهل تضاءل الجهل في النفس وانكمش ظل الهوى عنها، وضعف حب الشهوات فيها، وكان كل نشاط الفرد ذا صبغة واحدة هي صبغة العقل، وتُدعى هذه الحالة في منطق الدين بالإيمان.

فالإيمان إذًا حالة تنشأ من توجيه كافة نشاطات النفس بالعقل وتغليب جانبه على الجهل بحيث لا تبقى له قوة تُوجِّه نشاط الفرد بتوجيه منحرف، وهذا هو الذي يُشير إليه الإمام علي (ع) حيث يقول:

«الْعَقْلُ وَالشَّهْوَةُ ضِدَّانِ، وَمُؤَيِّدُ الْعَقْلِ الْعِلْمُ، وَمُزَيِّنُ الشَّهْوَةِ الهَوَى، وَالنَّفْسُ مُتَنَازَعَةٌ بَيْنَهُمَا فَأَيُّهُمَا قَهَرَ كَانَتْ فِي جَانِبِهِ»[1].

والسؤال الآن: كيف يتم تغليب جانب في النفس على جانب، وكيف يُصبح فرد مؤمنًا وآخر جاحدًا؟.

ينبغي أن نُؤكِّد الحرية التامة التي يتمتَّع بها البشر في اختيار الإيمان أو الجحود. وأن


[1] غرر الحكم، حكمة رقم: 448.

نام کتاب : الفكر الإسلامي مواجهة حضاریة نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي    جلد : 1  صفحه : 178
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست