responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفكر الإسلامي مواجهة حضاریة نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي    جلد : 1  صفحه : 176

صفات اللَّه:

لقد سبق القول في أسماء الله الحسنى، وهناك قلنا: إن التفكُّر في الخلق يهدينا إلى أن في كل شيء مخلوق صغير أو كبير جوانبَ كمال وجوانبَ نقص، جوانب قوة وجوانب ضعف .. وقلنا: إن ذات المخلوقات إنما هي العجز والضعف والنقص، وما فيها من القدرة والمعرفة والكمال فهي موهوبة لها من لدن القادر القوي بالغ الكمال.

وعلى هذا فكل ما نرى من صفة كمال في الخلق تهدينا إلى أن الله الذي وهبها يملك ما لا نهاية له منها، وكل ما نرى في الخلق من صفة النقص نعلم أن بارئها مُنزَّه عنها. إذ- كما سبق- لا يمكن أن يجتمع النقص الذاتي والكمال الذاتي في شيء واحد، ويُبّين هذه الحقيقة الإمام الصادق (ع) حيث يقول:

«أَمَّا التَّوْحِيدُ فَأَلَّا تُجَوِّزَ عَلَى رَبِّكَ مَا جَازَ عَلَيْكَ

..» [1].

ويقول الإمام علي (ع):

«الحَمْدُ لله الَّذِي لَا يَمُوتُ وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، لِأَنَّهُ كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنٍ مِنْ إِحْدَاثِ بَدِيعٍ لَمْ يَكُنِ. الَّذِي لَمْ يُولَدْ فَيَكُونَ فِي الْعِزِّ مُشَارَكًا، وَلَمْ يَلِدْ فَيَكُونَ مَوْرُوثًا هَالِكًا، وَلَمْ تَقَعْ عَلَيْهِ الْأَوْهَامُ فَتُقَدِّرَهُ شَبَحًا مَاثِلًا، وَلَمْ تُدْرِكْهُ الْأَبْصَارُ فَيَكُونَ بَعْدَ انْتِقَالِهَا حَائِلًا. الَّذِي لَيْسَتْ لَهُ فِي أَوَّلِيَّتِهِ نِهَايَةٌ، وَلَا فِي آخِرِيَّتِهِ حَدٌّ وَلَا غَايَةٌ. الَّذِي لَمْ يَسْبِقْهُ وَقْتٌ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْهُ زَمَانٌ، وَلَمْ يَتَعَاوَرْهُ زِيَادَةٌ وَلَا نُقْصَانٌ، وَلَمْ يُوصَفْ بِأَيْنٍ وَلَا بِمَا وَلَا بِمَكَانٍ. الَّذِي بَطَنَ مِنْ خَفِيَّاتِ الْأُمُورِ، وَظَهَرَ فِي الْعُقُولِ بِمَا يُرَى فِي خَلْقِهِ مِنْ عَلَامَاتِ التَّدْبِيرِ. الَّذِي سُئِلَتِ الْأَنْبِيَاءُ عَنْهُ فَلَمْ تَصِفْهُ بِحَدٍّ وَلَا بِبَعْضٍ، بَلْ وَصَفَتْهُ بِأَفْعَالِهِ، وَدَلَّتْ عَلَيْهِ بِآيَاتِهِ. لَا تَسْتَطِيعُ عُقُولُ المُتَفَكِّرِينَ جَحْدَهُ؛ لأَنَّ مَنْ كَانَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ فِطْرَتَهُ وَمَا فِيهِنَّ وَمَا بَيْنَهُنَّ، وَهُوَ الصَّانِعُ لَهُنَّ؛ فَلَا مَدْفَعَ لِقُدْرَتِهِ الَّذِي بَانَ مِنَ الخَلْقِ، فَلَا شَيْءَ كَمِثْلِهِ، الَّذِي خَلَقَ الخَلْقَ لِعِبَادَتِهِ، وَأَقْدَرَهُمْ عَلَى طَاعَتِهِ بِمَا جَعَلَ فِيهِمْ، وَقَطَعَ عُذْرَهُمْ بِالحُجَجِ، فَعَنْ بَيِّنَةٍ هَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَعَنْ بَيِّنَةٍ نَجَا مَنْ نَجَا ..»[1].

وهكذا تكون الوسيلة الوحيدة لمعرفة صفات الله الجميلة وأسمائه الحسنى، تقديسه عن شبه المخلوقين، وتسبيحه عن كل نقص يُرى فيهم، وتكبيره عن كل عجز يوصفون به سبحانه!.


[1] بحار الأنوار: ج 4، ص 264.

[2] بحار الأنوار: ج 4، ص 264.

نام کتاب : الفكر الإسلامي مواجهة حضاریة نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي    جلد : 1  صفحه : 176
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست