بعد التعرف على شخصية صاحب الوثيقة، لا بد أن نتساءل: ما هي دواعي الكذب في كتاباته؟ فإذا عرفناها، استطعنا ان نكتشف مدى تواجد هذه الدواعي في الوثيقة تمهيدا لنقدها نقدا موضوعيا. إذا لنلقي نظرة على هذه الدواعي:
أولا: دواعي الكذب:
بمراجعة الفصل الخاص بدواعي الخطأ من هذا الكتاب، نعرف كثرة هذه الدواعي وتنوعها، إلا أنها تنقسم إلى عدة مجموعات.
1- دواعي الحسد والمصلحة الشخصية:
فمن أجل النيل من شخصية يحسدها المؤلف، يقوم بعض الكتّاب بتشويه الحقائق، فترى أحدهم يناصب شخصية علمية مرموقة العداء، والخلاف، والمنافسة، والجدل، وكأنه بعث فرعونا له يناقضه في كل شيء قاله، ويسفه كل عمل يعمله، وقد يصبح العداء لشخصيته، عقدة نفسية، عند المؤلف، فإذا به يخالفه لا شعوريا، وعندئذ علينا عند دراسة وثيقة ان نتساءل: هل كان لصاحب الوثيقة حساسية تجاه مؤلف سابق أو شخصية علمية معاصرة أو أصحاب رأي محدد أم لا؟
ومن هذا النوع قيام أصحاب المدارس الفكرية بمخالفة بعضهم والتفتيش عن أي دليل يناقضهم حتى ولو كان على حساب الموضوعية. فينبغي للباحث أن يتهم أصحاب الوثائق، إذا وصلوا عند حدود الحساسية بينهم وبين سائر العلماء، خصوصا وصفة الحسد والمغالبة هي أبرز صفات العلماء [1] الذميمة.
[1] - جاء في حديث ماثور ان الله يعذب العلماء بالحسد المصدر، ص 108.