والفلسفة لها علاقة متبادلة مع العلوم، فمن جهة تنفع الفلسفة العلوم حيث تثير أمامها أسئلة جديدة، وتضع أمامها نقطة لا بد للعلوم أن تسعى للوصول إليها، ومن جهة ثانية تنفع العلوم الفلسفة حيث تعطيها الوسائل، والأدوات التي تساعدها على رؤية الواقع. وهكذا يتبادل العلم والفلسفة العون، ولا يستغني أحدهما عن الآخر، في كل الحقول، وفي حقل التاريخ بالذات.
علاقة المناهج بالأهداف:
حتى اللحظة عرفنا أن دراسة التاريخ تهدف ثلاثة أمور:
1- العبرة والبصيرة العقلية.
2- العلم ومعرفة القوانين التفصيلية.
3- الفلسفة وفهم الخطوط العريضة لمسيرة البشرية. ولكل واحد من هذه الأهداف الثلاثة مناهج تخصه:
أ- فمنهج العبرة هو ربط الماضي بالحاضر ودراسة الحاضر على هدى الماضي. وهذا في الواقع منهج أخلاقي، يعترض طريقه انطواء الفرد على ذاته، ولا بد من التخلص منه عن طريق التعرف على العوامل النفسية التي تسبب الخطأ [1].
ب- ومنهج الفلسفة، هو توضيح البصيرة عن طريق المناهج العقلية.
ج- ومنهج العلم التاريخي، يشبه في خطوطه العريضة، المناهج العلمية الآنفة الذكر (في هذا الفصل) ولكنه يتميز ببعض السمات التي لا بد من استعراضها، وهي: دراسة الوثائق التاريخية، واستنباط الحوادث منها، ثم
[1] - راجع الفصل المختص بذلك فيما سبق عن الحديث عن عوامل الخطأ.