توجد بين المشاهدة التجريبية، والملاحظة العامة، وبين الوصول إلى الحقيقة فجوة يجب سدها بالفروض التي تقوم بدور الجسر بين الحقيقة والتجربة. والفرض هو بمثابة الصورة الهندسية، التي يضعها البناء، قبل البدء بالتعمير، فهو صورة غير حقيقية للنظرية، التي تأتي من بعده، وتمهد لمعرفة القانون.
ذلك لأن الباحث يبدأ بجمع الملاحظات، والمشاهدات التجريبية، فإذا اجتمعت عنده، لا يعرف بالضبط طبيعة العلاقة بينها، فيفترض نوعا من العلاقة، ويحاول التثبت من صحتها. وكمثل لهذه الطريقة نستعرض قصة (كلود برنارد) التالية .. ذات يوم قدم إليه بعض الأرانب، فلما وضعها على المنضدة، أخذت تبول (فلاحظ) كلود أن بولها كان صافيا حامضيا، مع أنه (يعلم) من قبل أن بول الأرانب، عكر قلوي، باعتبارها آكلة الأعشاب، ولأنه كان يعلم سابقا إن بول الحيوانات آكلة اللحوم هي صافية حامضة، فقد (افترض) أن يكون الأرانب جائعة منذ وقت، وأنها قد بدأت تتغذى من أنسجتها الداخلية، فأصبحت- عمليا- آكلة اللحم، وأصبح بولها صافيا حامضا. فلما جرب