إن ذات الإرادة الاختيار، ومعنى الاختيار: الحرية المطلقة في القبول والرفض والقدرة على ترجيح أحد الطرفين على الثاني في حالة الاستفادة من هذه الحرية في القبول أو الرفض.
والإرادة هي بذاتها علة لترجيح أحد طرفي الممكن عند البشر، وهي فوق المؤثرات الضاغطة، وذاتها القدرة على الاختيار، ولا يمكن تعليلها بمؤثر خارجي.
وعجز الفلاسفة في فهم الحرية البشرية نابع من استخدامهم لمنهج علمي ناقص وقائم على أساس العلة والمعلول، وهذا المنهج لا يسمو إلى واقع الإنسان القادر الحر.
أما المنهج الصحيح؛ فهو العودة إلى الوجدان مباشرة، واستنطاق العقل عما إذا كان اختيار الفرد حراً أم هو مجبور عليه.
وإذا ثبت بالعقل والوجدان الذاتي أن البشر حر في اختيار طريقه، وأنه برغم ضغط المؤثرات الخارجية، فإنه يملك قدرة ترجيح أحد الطرفين حتى ولو كان يقتضي الموت واقفاً على الحياة بذل.
أقول: إذا ثبتت هذه القدرة عند الإنسان المخلوق، فإننا نهتدي إلى أن الله خالق السموات والأرض، جاعل الظلمات والنور، فعّال لما يشاء. وأن إرادته بذاتها علة الخلق، ومن السفه البحث عن علة لإرادة الله.