يقول ملا صدرا: إن جميع الموجودات عند أهل التحقيق (في نظره) والحكمة الإلهية المتعالية عقلًا كان أو نفساً أو صورة نوعية من مراتب أضواء النور الحقيقي، وتجليات الوجود القيومي الإلهي، وحيث سطع نور الحق، أظلم وانهدم ما ذهب إليه أوهام المحجوبين من أن للماهيات الممكنة في ذاتها وجوداً. بل إنما يظهر أحكامها ولوازمها من مراتب الوجودات التي هي أضواء أو ظلال للوجود الحقيقي والتنور الأحدي.
ويضيف قائلًا: كون الموجود والموجود منحصر في حقيقة واحدة شخصية لا شريك له في الموجودية الحقيقية ولا ثاني له في العين، وليس في دار الوجود غيره ديّار، وكلما يترأى في عالم الوجود إنه غير الواجب المعبود فإنما هو من ظهورات ذاته، وتجليات صفاته التي هي في الحقيقة عين ذاته) [1] وشاعرهم يقول:
الرغبة الملحة عند الإنسان في الإحاطة علماً بالله القديم (مصدر الأشياء والمبدأ الأول و .. و ..)، قد تكون وراء سوق الفلسفة نحو النظرية الأحادية إلى العالم.
فحيث يأبى غرور الفلاسفة العلمي الاعتراف بالعجز عن الإحاطة علماً برب العالمين، فهم يسعون نحو جعل هذا العالم المشهود هو الله، بحقيقة أو بأخرى حتى يقول قائلهم: التوحيد إسقاط الإضافات.
أو يقول: كل ما يطلق عليه أسم الغير، فهو من حيث الوجود والحقيقية عين الحق وأن كان من حيث التقيد، والتعين مسمى بالغير [3]
أو يقول: قدرته فيضه المقدس الإطلاقي، وهو الوجود المطلق المنبسط على الأشياء [4].
[1] () نقلًا عن كتابه الحكمة المتعالية في الأسفار الأربعة، ص 184.