ومن مدرسة الإسكندرية وعلى يد أتانا ميئوس انتقلت هذه النظرية إلى الديانة المسيحية بعد أن لبست ثوباً قشيباً مصنوعاً من تعابير الرسالات الإلهية دون أي تغيير جوهري فيها [1].
إن الاعتقاد بقدم (عيسى) باعتباره الوجود الأعلى بعد وجود الله، مستوحى من فكرة أزلية المادة.
وربنا في القرآن المجيد يؤكد على تسرب أفكار مشركة إلى ثقافة أهل الكتاب حيث يقول:
[1] () جاء في كتاب تاريخ جامع أديان (باللغة الفارسية) تأليف (جان ناس) وترجمة علي أصغر حكمت، ص 424 (اختلف أحد القساوسة والآباء المسيحيين في الإسكندرية باسم أريوس مع أسقف المدينة حول مسألة أزلية أو مخلوقية عيسى، وكان اريوس يعتقد أن عيسى المسيح بالرغم من إنه (كلمة) الحق إلا أنه مخلوق وهو كمثل سائر موجودات عالم الخلق حادث وجاء من العدم إلى الوجود وعنصره غير عنصر الرب، وقال إن ل- (الابن) بخلاف (الأب) بداية بينما (الأب) يعني الله تعالى أزلي لا بداية له).
وتحول الخلاف إلى أن عزل أريوس أسقف المدينة، إلا أن هذا الجدل بقي على قوته وانتقل إلى خارج حدود الإسكندرية وأصبح مورد البحث والمناقشة في كل كنائس المشرق.
وحيث بلغ هذا الجدل حده، اضطر قسطنطين في عام (321 م) إلى وضع نهاية لهذا الجدل، وشكل مجلس شورى من ممثلي كنائس كل المناطق، وفي صيف عام
[325] اجتمع حوالي ثلاثمائة شخص كانوا في الأغلب من أساقفة بلاد الشرق وذلك في مدينة (نيقةNikge) قرب القسطنطينية على ساحل البوسفور، وبعد جدل عظيم وقعوا على وثيقة اعتقادية شهرية في عالم المسيحية وتسمى (بوثيقة نيقة الاعتقادية) ونصها ما يلي:
(نحن نؤمن بإله واحد (أب) قادر مطلق خالق لكل الأشياء التي ترى ولا ترى، وبإله واحد عيسى المسيح ابن الله الذي خرج من الله الابن الوحيد والمولود منه الذي هو من ذات الله إله من إله النور من النور إله حقيقي من إله حقيقى ...
والجدير بالذكر أن ضغط الأمبراطور وحماس أسقف الإسكندرية (آثانا سئوس) كانا وراء توقيع الوثيقة، ويبدو ظاهراً مدى تأثير أفكار الأفلاطونية الجديدة فيها.