responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العرفان الإسلامي نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي    جلد : 1  صفحه : 310

وإنما تاهت البشرية في ضلالات هذه القاعدة وغيرها بسبب اختلاط المقاييس عندهم، ومحاولة قياس الخالق بالمخلوق وصدور الأشياء من بعضها في المخلوقين، وزعمهم بأنها تصدر أيضاً من الله سبحانه، ثم أرادوا في ذات الوقت، إبعاد التغيير عن الخالق الواحد الأحد، فاختلقوا هذه القاعدة المتناقضة في ذاتها، ولم يعرفوا أن الذي يصدر منه شيء لن يكون واحداً، وأن الواحد لن يصدر منه شيء.

وربما نستوحي هذه الفكرة من كلمات مأثورة عن الإمام علي بن موسى الرضا عليهما السلام في حواره الطويل مع عمران الصابي، حيث يقرر أن غير الله ليس أبداً بواحد ويقول:

" وأعلم أن الواحد الذي هو قائم بغير تقدير ولا تحديد- أي الله سبحانه- خلق خلقاً مقدراً بتحديد وتقدير، وكان الذي خلق خلقين اثنين: التقدير والمقدر، وليس في كل واحد منهما لون ولا ذوق ولا وزن، فجعل أحدهما يدرك بالآخر، وجعلهما مدركين بأنفسهما ولم يخلق شيئاً فرداً قائماً بنفسه دون غيره للذي أراد من الدلالة على نفسه، وإثبات وجوده، والله تبارك وتعالى فرد واحد لا ثاني معه، يقيمه ويعضده ولا يمسكه، والخلق يمسك بعضه بعضاً بإذن الله ومشيئته، وإنما اختلف الناس في هذا الباب حتى تاهوا وتحيروا وطلبوا الخلاص من الظلمة بالظلمة في وصفهم الله بصفة أنفسهم، فازدادوا من الحق بعداً، ولو وصفوا الله عز وجل بصفاته ووصفوا المخلوقين بصفاتهم لقالوا بالفهم واليقين ولما اختلفوا ..." [1].

وقياس الله سبحانه وتعالى بخلقه سبب لأكثر ضلالات البشر، إن لم أقل لجميعها، وإنما انتشر هذا القياس عند (الانتقائيين) من الفلاسفة الذين مزجوا أفكاراً فلسفية بآراء المتدينين، فضيعوا الدين ولم يفلحوا بالفلسفة.


[1] () البحار كتاب الاحتجاج، ص 316، ج 10.

نام کتاب : العرفان الإسلامي نویسنده : المدرسي، السيد محمد تقي    جلد : 1  صفحه : 310
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست