أقول: في سياق حديثنا عن هذا المذهب، لابد أن نبين المذهب الصحيح في حقلين هما:
الأول: في حقل التوحيد ومعرفة الله تعالى.
الثاني: في حقل الوجود وحقيقة الموجودات.
ذلك لأنا- وكما نبين إنشاء الله تعالى- نرى تحقق سنخين هما الله وخلقه، بينما يرى أولئك إنه ليس إلا هو الوجود وأطواره، وهكذا لخصوا الحديث حول الوجود، بينما وجب علينا التفريق بين الحديث عن الموجودات والحديث عن الموجودات والحديث عن خالقها.
ونفصل القول في هذا الفصل في ثلاثة أقسام:
القسم الأول: عن المذهب الصحيح في موضع وحدة الموجود بالمقارنة مع آراء الفلاسفة.
القسم الثاني: عن معرفة الله و (العرفان الإسلامي) الذي هو الهدف من الكتاب.
القسم الثالث: عن الوجود.
وقد يتداخل الحديث هنا مع أحاديثنا السابقة أو اللاحقة تبعاً لضرورة البحث الشمولي، وتجنب تشوش الرؤية.
فما هو المذهب الصحيح الذي يهدينا إليه العقل، ويذكرنا به القرآن والنبي وأهل البيت عليه وعليهم صلوات الله؟ يتلخص في النقاط التالية:
1- أن العالم المحيط بنا حق، وليس مجرد خيال.
2- أن له رباً خلقه وقدره ودبر أموره.
3- أن الله غير خلقه وخلقه غير الله، وأنهما سمتان مختلفتان بذاتهما، فبينما الخلق عاجز ومحدود ومتغير وعدمي ومظلم الذات، فإن الخالق قادر لا متناه وقيوم ونور السموات والأرض.
ومعلوم الفرق الكبير بين هذه النظرة وبين النظريات الفلسفية الأحادية، التي لا تعترف إلا بنوع واحد من الوجود، حيث تزعم أن الكثرة التي نشاهدها في