وثالثاً: مفهوم الحلاج لحلول الله في ثنايا النفس البشرية التي يستعملها كأداة له، كما جاء في نظرية (عين الجمع) [1].
وبالرغم من أن الغزالي أخفى أفكاره ولم يكتبها إلا في الكتب التي قال إنها ألفت للخواص [2] فإنه- بالتالي- يكشف عن أفكاره الصوفية حين يحدثنا عن مراتب المعرفة فيقول:
وخواص الخواص من هؤلاء العارفين فئة انمحقت وتلاشت في الواحد الحق، فلم يروا في الوجود ذواتهم أو أي ذات أخرى ما عدا وجه الله. وهذه الحال من الذوق الصوفي تدعى فناء، أو فناء الفناء، لأن العارف يفنى فيها عن نفسه، ويفنى عن فنائه. وقد بلغ الاستغراق بالبعض حداً من السكر زعموا معه أنهم اتحدوا بالله الأحد، والحقيقة أن الحال التي أدركوها لا تعدو التوحيد، أي الإقرار بوحدانية الحق، وأنه لا موجود في الكون إلا هو. وهذه الحال تباين حال الاتحاد به كل المباينة [3].
ابن عربي
ومن أفق الغرب هذه المرة- خرج على العالم العربي محيي الدين ابن عربي الذي يعتبر الناطق باسم التصوف، حيث جمع حشداً من المعارف الصوفية في كتبه التي تبلغ أكثر من أربعمائة كتاب.
يتبين من أحدث الدراسات أن مالا يقل عن (846) مؤلفاً قد نسبت إلى ابن عربي، وصلنا منها (550). ومن هذا النتاج الضخم يبدو أن (400) تقريباً هي من تأليفه فعلًا. ويصرح ابن عربي في عدد منها أنه قد كتبها بوحي من الله أو بأمر من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) [4].