قطعنا في سعينا هذا المسافة التي قطعها الأنبياء والأولياء والصلحاء من لدن آدم عليه السلام الذي أنزله الله تبارك وتعالى على الصفا، كما هبط بحوّاء على المروة. ولذلك سُمّي الصفا، باسم آدم المصطفى، حيث قال سبحانه:* إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ[1]، كما سمّيت المروة باسم المرأة التي هي حوّاء، زوجة آدم.
وكان آدم يأتي إليها كل يوم يتحدّث معها على المروة، لأنها كانت الأنيسة الوحيدة له، فلما يمسي المساء ويسدل الظلام سداله ينصرف عنها ليبيت على الصفا بعيدًا عنها.
وهكذا قطعنا هذه المسافة اقتداءً بأبينا آدم عليه السلام والأنبياء والأولياء من بعده الذين سعوا واحداً بعد الآخر، حتى قُدِّر أن نكون نحن الملبّين من بعدهم وارثين للمطاف والمسعى بعد انتهاء أشواط حياتهم، لنسعى مع مئات الألوف الملبّية داعي الحق في خشوع، وتواضع، وإيمان.
وبعدما قطعنا هذه المسافة، وصلنا المروة، الجبل الثاني، وأمامنا رؤوس متراصة كما تدفعنا جماهير متدفّقة وكلهم يؤدون شعيرة من شعائر الله، وشعاراً من شعارات