من قبل، وبالبديهة يعرف ان مجرد التعارض بينهما يعني عدم صحة
إحداهما.
وبعد هذه النقاط لابد ان نعرف حقيقة هامة؛ هي ان الوجود شيء
والموجود شيء آخر. فالموجود هو ما نراه ونلمسه، مثل القلم والدفتر، فكل منهما
موجود، اما الوجود فهي الحقيقة التي تجعل القلم موجوداً، والدفتر موجوداً، وهي
مشتركة بينهما.
وإذا كان الأصل في الاشياء هي ماهيتها وحدودها وانها لم تكن ثم كانت،
لابد ان نفترض الوجود حقيقة وراء حقائق الموجودات، فهي نبعها الفياض الذي يعطيها
الاستمرارية في التحقق والظهور.
والآن لنبحث عن الأدلة التي تهدينا الى طبيعة الوجود، ولابد ان نعرف
ان اثارة العقل هي الوسيلة الوحيدة الى ذلك، وليست الغاية من سرد الأدلة سوى نوع
من الاثارة.
1- تشابك العدم والوجود.
ان كل موجود يطرأ عليه الوجود بشهادة تحدده بالعدم. فمن الذرة
الصغيرة حتى المجرة الكبيرة، يشكل العدم جزءً من حقيقته، فمثلًا يشغل مساحة الذرة
فقط بنسبة واحد في .../ .../ 1، اما الباقي فهو عدم، وحجم المجرات الذي لا يحدده
الخيال، يمكن ان يصغر لو نقيناها مما نشاهدها فيها من العدم الى بضعة عشرة مرات من
حجم الشمس فقط.
وهذا التشابك يهدينا الى ان طبيعة الأشياء التي نراها ليست هي
الوجود، بل الوجود شيء والموجود به شيء آخر.