منه، بيد أنّ القرآن حينما ينتزع من القصص سُنناً عامة تشمل الذين
نزل فيهم وتسع الذين عملوا بمثل اعمالهم، تعتبر- آنئذٍ- تلك السنن علماً بالتاريخ
او الاجتماع او ما اشبه.
وجاء في حديث آخر: ان رجلًا قال: سألت الامام عما يعني بقوله: للقرآن
ظهر وبطن؟ قال:" ظهره تنزيله وبطنه تأويله منه ما مضى ومنه ما لم يكن بعد
يجري كما يجري الشمس والقمر كلما جاء منه شيء وقع".
وهذا الحديث يؤكد معنى الحديث الاول ويتظافران على ان تنزيل القرآن
هو الظاهر الذي يدل عليه اللفظ، بينما التأويل- وهو أيضاً بطن القرآن- إنما هو
الواقع العلمي الذي يهدي اليه الظاهر وينطبق على كل من يشارك مع أولئك في اعمالهم.
وقد عبرت بعض الاحاديث عن علوم القرآن ب- (البطن) لانها تخفى على
الناس، ثم تظهر بالتدبر، وحسب اختلاف الناس من النواحي العقلية والعلمية تختلف
درجات الخفاء، حتى يُعتبر الواقع الواحد، ظهراً بالنسبة الى فريق، وبطناً بالنسبة
الى فريق آخر. لذلك تعددت البطون والاظهر بقدر تعدد درجات الناس في العقل والعلم.
وجاء في حديث: ان رجلًا قال: سألت ابا جعفر (عليه السلام) عن شيء من تفسير
القرآن، فأجابني، ثم سألته ثانية فأجابني بجواب آخر، فقلت: جعلت فداك، كنت اجبت في
هذه المسألة بجواب آخر غير هذا قبل اليوم، فقال لي: ياجابر، ان للقرآن بطناً
وللبطن بطناً وظهراً وللظهر ظهراً.