نرى في السياق منعطفاً صارخاً عند قوله سبحانه
وَلَوْ بَسَطَ الله الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ
حيث لا يرتبط ظاهراً بما قبله من قوله تعالى
وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
وبما بعده من قوله سبحانه وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ
الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ
ووضع هذا المنعطف إنما هو لبيان سُنة فطرية تجري في العباد، وهي
فقدهم للتوازن إذا ثقلت عليهم النعم، باعتبار ان النعمة بحاجة الى قدر من التحمل
والضبط، وربما بقدر او اكثر مما تحتاج النقمة إليها.
ان ابداع هذا المنعطف في سياق الآية الذي يبدو مستقيماً بدونه، إنما
هو لهدف بيان الحقيقة العلمية في ثنايا التوجيه النفسي، ليس فقط من اجل توظيفها في
خدمة التزكية، بل وأيضاً من اجل بيانها للناس.
باء: والاسلوب التربوي الذي يتبعه القرآن الحكيم في تزكية النفس
أسلوب علمي بذاته، إنه اسلوب مرحلي يتابع مراحل التزكية، بما يتناسب معها من
الإثارة العاطفية والتوجيه الفكري والزخم الايماني، إنه اسلوب يربط- بحكمة بالغة-
بين الفكرة الموظفة والهدف المنشود.