فان الفريق المقاوم يجد في بعض ما في الاخيار من شر، وبعض ما لديه من
خير مبرراً للقضاء على الخير باسم الخير ذاته.
وهذا الخير والشر موزع في البدء بين الناس توزيعاً يكاد يكون عادلًا،
فكل منهم يأمر بالخير وينهى عن الشر، ولكنه يعمل بهما فعلًا، وهذه مرحلة الضلالة
العامة، وفيها لانجد شراً مستطيراً كما لا نجد ايضاً خيراً خالصاً.
8- ولابد ان الانسان يبقى على هذه الضلالة التي هي ذاتية بالنسبة الى
طبيعته حسبما عرفناها سابقاً، حتى يأتيه من الله نور وهدى مبين، فيصبح البشر
فريقين؛ إذ ان فريقاً منهم يشاء بارادته الحرة ان يهتدي ويطهر نفسه من رواسب الشر،
بينما يبقى الفريق الآخر على ضلالته، التي سرعان ما يضطر، للدفاع عنها، ان يتحول
الى شر محض!!!
كذلك قال الله سبحانه حين قص علينا قصة البشرية الاولى
كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ الله النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ
وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ
النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ
اوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى الله
الَّذِينَ ءَامَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بإِذْنِهِ وَالله
يَهْدِى مَن يَشَآءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (البقرة/
213)
فهناك ضلالة شاملة، ثم يهدي الله الناس، ثم يختلف الناس في الهداية.