الإنسان وربه، فهو إذن الحقيقة الكبرى، والمنهج الأسمى.
وكم هو تافه وغافل ذلك الإنسان الذي يقرأ القرآن، ويعيش أجواءه،
ويستمع إليه ولكنه في نهاية المطاف لا يقتبس ولو ومضة نور من هذا السراج الإلهي
العظيم، ولا يغترف ولو غرفةً من نبع هذا الكلام الذي ليس فوقه كلام، فمثله كمثل
ذلك العطشان الجالس على ضفاف رافد رقراق ينظر إلى هذا الفرات العذب ولكنه لا يمد
يده ليغترف منه ما يطفئ به ظمأه ويروي عطشه.
هذا في حين أن الإنسان المؤمن يزداد وعياً وإيماناً وإدراكاً كلما
نظر في آيات الله، وكلما أعطى أذناً صاغية ليستمع إلى آياته تُتلى عليه، فمثل هذا
الإنسان يزداد حكمة، وتفقهاً للحقائق لما يستشعره من الخشوع في قلبه؛ هذا الخشوع
الذي يتعاظم في كيانه وروحه بمرور الزمن، وكلما ازداد نضجاً في عقله.
تلاوة القرآن معين كل حكمة
وهكذا فإن تلاوة القرآن الحقّة هي معين كل حكمة وعلم وحلم وتَفَتُّحٍ
في القلب المؤمن، وفي هذا المجال يُروى عن الإمام الرضا (ع) إنه كان يختم القرآن
في كل ثلاث، وكان (ع) يقول
«لو أردتُ أن أختمه في أقل من ثلاث لختمته، ولكن ما مررتُ بآية قط
إلّا فكرتُ فيها وفي أي شيء نزلت، وفي أي وقت ...» «1»