وهكذا فإن الإنسان يرتفع إلى هذا المستوى الرفيع ضمن أفق القرآن
ومنطقه وإطاره. فآيات الجهاد ليست مقتصرة على تلك الآيات التي تبيِّن فلسفة الجهاد
وحكمته، أو تحرِّض الإنسان عليه، لأن إبعاد الإنسان عن حياة الماديات، والتحليق به
في أفق المعنويات هما اللذان نقرؤهما خلف كل آية قرآنية، وهذا هو الذي يمنح
الإنسان روح الجهاد والتضحية في سبيل الله تعالى.
لا مفرّ من الموت
إنّ الحياة ما هي إلّا موتٌ يطلبك، وموت تطلبه، ونحن عادةً ما نهرب
من سكرة الموت كما يشير إلى ذلك عزّ وجلّ في قوله: [وَ جَاءَتْ
سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ]
[1]، ولكن أين المهرب؟ فكم حاولنا أن نبتعد عن الموت، وكم منّينا أنفسنا
بالخلود، وطول العمر، ومع ذلك فقد جاءت سكرة الموت.
وبين سكرة الموت، والنفخة في الصور ما لا يعلمه إلّا الله تعالى من
السنين والقرون، إلّا أن هذه المسافة يختصرها القرآن الكريم في قوله: [وَ
نُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ]
[2]، لأنّ يوم الوعيد آت، وكل آت قريب.