في سياق الآيات الكريمة التي بَيَّن القرآن من خلالها قصص الأمم
الماضية التي تعرَّضت للعذاب والهلاك، ينبري سؤال: لماذا لا يُكْرِهنا الله عز
وجل- وهو القادر المطلق- على السير على الصراط المستقيم؟.
والجواب هو: أنه تبارك اسمه لا يُريد لنا الصلاح بوسيلة الجبر
والإكراه، لأنه قد كَرَّمَ الإنسان من قبلُ بأن جعله كائناً حرًّا مريداً .. وهذا
ما يفهم من قوله العزيز قُلْ يا أَيُّهَا النّاسُ
إذ الله تعالى كتب للإنسان أن يكون مختاراً، وهذه الكرامة هي التي تمنع أن يُجبر
الإنسان على أن يكون صالحاً أو طالحاً.
وقد أتبع سبحانه وتعالى هذه الكرامة بكرامة أخرى، وهي أنه بعث للناس
من ينذرهم ويُخوِّفهم عذاب الرَّبِّ القدير.
أقول: إن كل حصر لا بد أن يكون له جانبان؛ جانب الإثبات، وهو ما يذكر
معه وفيه، وجانب النفي الذي يفهم من دليل الاقتضاء ..