وهكذا أشار النبي إبراهيم (ع) إلى ركيزة فطرية يعيشها وجدان كل
إنسان، وهي الإحساس بملاحقة الموت له، والتوجُّه إلى من يُقدِّره له. باعتبار
الإنسان كائناً مخلوقاً وقد جُعِل له أجل محدَّد، وإن من يُقرِّر انتهاء فرصة
بقائه هو الله عزَّ وجلَّ. كذلك هو القادر على إعادة الحياة إليه وبعثه في عالم
آخر.
والإشارة إلى قانون الإماتة والإحياء هذا، هي للتأكيد على حكمة الخلق
القائمة على أساس العدل؛ بمعنى أن فعل الله تعالى هذا متَّصل بعدله الكبير تجاه
الإنسان، وأن ثمة عاقبة قائمة على أساس الحكمة والعدل تقف بانتظاره ليُسأل عما صدر
عنه من فعل وقول، لكيلا يضيع على المحسن إحسانه، ولئلَّا ينجو المسيء من عقبى
إساءته.
الموت قضاء
الحياة بعد الموت إحساس عميق في وجدان كل إنسان، ولا يُنكره إلَّا من
يُنكر الحقائق المشهودة والواضحة، وهذه الرغبة الجامحة للخلود- والمتأصلة في كل
إنسان- هي تجلٍّ لذلك الإحساس العميق.
وإذا تابعنا التاريخ ودرسناه، وجدنا أن جهوداً جبارة- بمقياس
الإنسان- قد بذلها الناس- ولا زالوا يبذلونها- للاستمرار في الحياة،