وهكذا فإن الأبرار- الآن كما في القيامة- هم في النعيم. فالصلاة
ذاتها معراج، وهي قربان، وهي سكينة، وهي تتمثل يوم القيامة في أحسن صورة. كذلك
الجحيم تحيط الآن بالكافرين، كما قال ربنا سبحانه وَإِنَّ
جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ[2].
ولكن لا يعني ذلك أن هذا التجسيم للأعمال هو وحده الجزاء، بل هناك
جزاء آخر للكافر يتمثل في عقابه للمعصية لما فيها من تحدٍّ للرب سبحانه، وجزاء آخر
للمؤمن بطاعته وبفضل ربه.
كل شيء عند ربنا بمقدار، ويوم القيامة يوم الحساب. فما هو السرّ في
أن الله يرزق من يشاء بغير حساب؟.
أولًا: إن الرزق الإلهي يفيض من رحمته الواسعة، وتلك الرحمة لا تحدها
حدود السنن التي قدرها والتي يجريها ربنا في خلقه. فقدرته غير محدودة كما نحن
المخلوقين بحسابات السنن والأنظمة والأقدار، لأنه سبحانه محيط بها وهو فعال لما
يشاء. وهنا نعرف مدى الخطأ الذي وقع فيه اليهود، حيث قالوا
يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ[3].