و ما ذهب إليه المشهور هو الظاهر، فإن ما ذكره أبو مسلم لا يتجاوز صرف الادعاء المخالف للظاهر، ولا شاهد عليه بالمرة. { فما جزاء من يفعل ذلك منكم } قيل: المراد القتل والإخراج المحرمان، لكن الظاهر كون المراد هو التجزئة في الإيامن وقبول بعض الكتاب ورد بعضه الآخر. { إلاّ خزي في الحيوة الدنيا } الخزي الذل والصغار، وقيل: الجزية، وقيل: إخراج الرسول صلى اللّه عليه وسلم لهم من ديارهم لأول الحشر. { و يوم القيمة يردوّن إلى أشد العذاب } التعبير بالرد دليل على اتحاد المبدأ والمنتهى من حيث العذاب، فهم ينقلون من عذاب إلى أشد العذاب.
و الظاهر أن المراد بأشة العذاب أسوأه بحدّ ذاته لا بالقياس إلى العذاب الدنيوي خاصة. { و ما اللّه بغافل عمّا تعملون } فإنه تعالى بكل شيء محيط ولا يسهو أبدا. { أولئك الّذين اشتروا الحيوة الدّنيا بالآخرة } استبدلوها بها فتركوا الآخرة الدائمة ليأخذوا في عوضها الحياة الدنيئة، وهي تجارة خاسرة ما بعدها خسران أبدا. { فلا يخفّف عنهم العذاب ولا هم ينصرون } أي لا أحد ينجيهم من العذاب وينصرهم في التخلص من مأزقهم الذي وقعوا فيه.