يأتيه الأجل وهو لا يقدر على دفعه فيصبح جمادا هامدا ويدخل إلى عالم آخر وكأنه لم يكن شيئا مذكورا. فاعتبروا يا أولي الأبصار. { ثمّ يحييكم ثمّ اليه ترجعون } قيل:
إن المراد بالإحياء هنا هو الإحياء في القبر للسؤال، أو انه الرجعة. وعلى
كلا التقديرين لابد من تقدير الإماتة بعده، ليرتبط بقوله بعد ذلك: { ثمّ اليه ترجعون } الذي يراد منه الحشر ويوم القيامة.
لكن الظاهر أنه لا حاجة الى ما ذكر، وان المراد بالإحياء هو الحشر ويوم القيامة، وأمّا قوله تعالى: { ثمّ اليه ترجعون } فليس إلا بيانا للأمر الواقع والنتيجة الحتمية لذلك اليوم: { ثمّ إليّ مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون } [1]، و { إلى اللّه مرجعمك جميعا فينبّئكم بما كنتم تعملون } [2]. { هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا } بيان لبعض ما أنعم اللّه على عبده، وإنه سخّرها له ليتنعم بها. { ثم استوى إلى السّماء فسويهنّ سبع سماوات } قيل: إنه بمعنى: أنه تعالى علا عليها فقهرها.
و قيل: إنه قصدها قصدا مستويا، بلا عاطف يثنيه من إرادة خلق شيء آخر في أثناء خلقها.
و قيل: إنه بمعنى أنه استوى وتفرّد بملكها، ولم يجعلها كالأرض ملكا لخلقه.
ثم إن ظاهر هذه الآية أن خلق السماوات إنما كان بعد خلق الأرض، ومن هنا فقد يتوهم مناقضتها لقوله تعالى: { أأنتم أشدّ خلقا أم السّماء بناهارفع سمكها فسوّاهاو أغطش ليلها وأخرج ضحاهاو الأرض بعد ذلك