نام کتاب : اعلام النبلاء بتاریخ حلب الشهباء نویسنده : الطباخ، محمد راغب جلد : 1 صفحه : 421
و
قمامصتهم و کنودهم إلی أتابک زنکی لیرحلوه عن بعرین فلم یرحل و صبر لهم
إلی أن وصلوا إلیه، فلقیهم و قاتلهم أشد قتال رآه الناس و صبر الفریقان. ثم
أجلت الوقعة عن هزیمة الفرنج و أخذتهم سیوف المسلمون و منع أتابک زنکی
عنهم کل شیء حتی الأخبار، فکان من به منهم لا یعلم شیئا من أخبار بلادهم
لشدة ضبطه الطرق و هیبته من جنده. ثم إن القسوس و الرهبان دخلوا بلاد
الروم و بلاد الفرنج و ما والاها من بلاد النصرانیة مستنفرین علی المسلمین و
أعلموهم أن زنکی إن أخذ قلعة بعرین و من فیها من الفرنج ملک جمیع بلادهم
فی أسرع وقت لعدم المحامی عنها و أن المسلمین لیس لهم نیة إلا قصد البیت
المقدس فحینئذ اجتمعت النصرانیة و ساروا علی الصعب و الذلول و قصدوا الشام
مع ملک الروم و کان منهم ما نذکره. و أما زنکی فإنه جد فی قتال الفرنج
فصبروا و قلت عنهم المیرة و الذخیرة، فإنهم کانوا غیر مستعدین و لم یکونوا
یعتقدون أن أحدا یقدر علیهم، بل کانوا یتوقعون ملک باقی بلاد الشام، فلما
قلت الذخیرة أکلوا دوابهم و أذعنوا بالتسلیم لیؤمنهم و یترکهم یعودون إلی
بلادهم فلم یجبهم إلی ذلک، فلما سمع بقرب ملک الروم من الشام و اجتماعه بمن
بقی من الفرنج أعطی لمن فی الحصن الأمان و قرر علیهم تسلیم الحصن و من
المال خمسین ألف دینار یحملونها إلیه، فأجابوه إلی ذلک فخرجوا و سلموا
إلیه، فلما فارقوه بلغهم اجتماع من اجتمع بسببهم فندموا علی التسلیم حیث لا
ینفعهم الندم، و کان لا یصلهم شیء من الأخبار البتة فلهذا سلموه. و
کان زنکی فی مدة مقامه علیهم فتح المعرة و کفرطاب من الفرنج، فکان أهلها و
أهل سائر الولایات التی بینها و بین حلب و حماة مع أهل بعرین فی الخزی لأن
الحرب بینهم قائمة علی ساق و النهب و القتل لا یزال بینهم، فلما ملک أمن
الناس و عمرت البلاد و عظم دخلها و کان فتحا مبینا، و من أحسن الأعمال ما
عمله زنکی مع أهل المعرة، فإن الفرنج لما ملکوها کانوا قد أخذوا أملاکهم،
فلما فتحها زنکی الآن حضر من بقی من أهلها و معهم أعقاب من هلک و طلبوا
أملاکهم فطلب منهم کتبها، فقالوا: إن الفرنج أخذوا کل مالنا و الکتب التی
للأملاک فیها، فقال: اطلبوا دفاتر حلب و کل من علیه خراج علی ملک یسلم
إلیه، ففعلوا ذاک و أعاد علی الناس أملاکهم، و هذا من أحسن الأفعال و
أعدلها اه.
نام کتاب : اعلام النبلاء بتاریخ حلب الشهباء نویسنده : الطباخ، محمد راغب جلد : 1 صفحه : 421