responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 1  صفحه : 327

عابه به أعداؤه لما لم يجدوا فيه عيبا. وقال أصحابه كان فينا كأحدنا لين جانب وشدة تواضع وسهولة قياد وكنا نهابه مهابة الأسير المربوط للسياف الواقف على رأسه.
الرأي والتدبير وإن نظرنا إلى رأيه وتدبيره وجدناه أصوب الناس رأيا وأحسنهم تدبيرا فهو الذي أشار على عمر بوضع التاريخ للهجرة. وبترك حلي الكعبة لما أراد أخذه وأشار لما اجتمعت الفرس على غزو بلاد الاسلام أن لا يذهب بنفسه لأن الأعاجم إذا رأوه قالوا هذا رجل العرب فان قطعتموه فقد قطعتم العرب وكان أشد لكلبهم وأن لا يشخص أهل الشام ولا أهل اليمن خوفا على ذراريهم من الروم والحبشة ولا أهل الحرمين لئلا تنتفض عليه وقال أن القتال ليس بالكثرة بل بالبصيرة وأن يبعث إلى أهل البصرة فلتقم فرقة منهم على ذراريهم وأخرى على أهل عهدهم لئلا ينقضوا ولتسر فرقة منهم إلى اخوانهم مددا لهم فقبل ذلك عمر وكان هو الرأي. وهو الذي أشار على عثمان بأمور كان صلاحه فيها لو قبلها.
العبادة وإذا نظرنا إلى عبادته وجدناه أعبد الناس وكانت جبهته كثفنة البعير لطول سجوده وفي الأدعية المأثورة عنه كفاية. وكان زين العابدين على ما هو عليه من العبادة يستصغر عبادته في جنب عبادة جده أمير المؤمنين.
ومن عجيب أحواله أنه اجتمعت في صفاته الأضداد فبينما هو يمارس الحروب ويبارز الأقران ويقتل الشجعان ومن تكون هذه صفته لا بد أن يكون قاسي القلب شرس الخلق بينما نراه كذلك إذا هو أعبد العباد.
يقضي ليله بالصلاة والعبادة والتضرع والابتهال والخضوع لله تعالى وإذا به أحسن الناس خلقا وأرقهم طبعا وألينهم عريكة.
تعداد مناقبه وفضائله على التفصيل وهي كثيرة ينبو عنها الحصر وعظيمة يضيق بها الوصف ويقصر دونها الفكر. كما قال السيد الحميري:
- وله مناقب لا ترام وأن يرد * ساع تناول بعضها يتذبذب - وقد ألفت في فضائله ومناقبه التي اختص بها وامتاز بها عن سائر الصحابة مؤلفات كثيرة عدى ما أودع في مضامين الكتب التي لا تحصى منها كتاب خصائصه للنسائي طبع مرارا. وكتاب خصائصه للحافظ أبي نعيم الأصفهاني. وكتاب خصائصه لأبي عبد الرحمن السكري. وكتاب ما نزل فيه من القرآن للحافظ أبي نعيم الأصفهاني ولسنا نحتاج في إثبات عظمته وعلو مقامه وامتيازه عن الخلق عدى رسول الله ص ومشاركته له في كثير من صفاته وأحواله إلى روايات الراوين ومؤلفات المؤلفين. بل يكفينا لذلك إلقاء نظرة واحدة على أحواله المسلمة المتواترة من أنه كيف وتر العرب في حروبه مع النبي ص وقتل صناديدها ورؤساءها فأورث ذلك الأضغان والأحقاد عليه في قلوبها وكان آباء من قتلهم وأبناؤهم وإخوانهم وعشائرهم لا يزالون موجودين وأحقادهم لا تزال كامنة ونيرانها في صدورهم مشتعلة وإن دخلوا في الاسلام فجملة منهم دخلوا فيه كرها وخوفا من السيف ومن دخل عن عقيدة لم تكن عقيدته لتغير ما في نفسه وطبعه من الغيظ على قاتل أبيه وأخيه وابنه وقريبه ألا ترى إلى سيد ولد آدم كيف لم يستطع أن ينظر إلى قاتل عمه حمزة فقال له غيب وجهك عني وهو أكمل الخلق ولما رأى أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة وهو مسلم أباه عتبة يجر إلى القليب تغير وجهه ولما نهى رسول الله ص عن قتل أحد من بني هاشم وعن قتل العباس عمه قال أبو حذيفة أ نقتل أبناءنا و اخواننا وعشائرنا ونترك العباس والله لئن لقيته لألجمنه السيف ثم ما كان من تنويه النبي ص بشأنه في مواضع عديدة واختصاصه به ما زرع بذر الحسد له وغرس العداوة له في قلوب الناس الرجال منهم والنساء سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا حتى قالت أخت علي بن عدي من بني عبد شمس لما سار علي ع إلى البصرة:
- لا هم فأعقر بعلي جمله * ولا تبارك في بعير حمله - - الا علي بن عدي ليس له - وقد أوضحنا ذلك في الجزء الأول في المقدمات ويدل عليه أيضا ما رواه الكليني في الكافي بسنده عن الباقر ع قال لما قبض رسول الله ص بات آل محمد بأطول ليلة حتى ظنوا أن لا سماء تظلهم ولا أرض تقلهم لأن رسول الله ص وتر الأقربين والأبعدين في الله وتلا ذلك ما كان في دولة بني أمية نحوا من ثمانين سنة أو أكثر من إظهار بغضه وعداوته ولعنه على المنابر والاجتهاد في كتمان فضائله ومنع أحد أن يسمى باسمه ويكنى بكنيته.
روى أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء بسنده قال كان علي بن عبد الله بن العباس يكنى أبا الحسن فلما قدم على عبد الملك قال له غير اسمك وكنيتك فلا صبر لي على اسمك وكنيتك فقال أما الاسم فلا وأما الكنية فاكتني بأبي محمد فغير كنيته ومنعوا أحدا أن يحدث عنه حتى كان من يحدث عنه لا يذكره باسمه قال المفيد في الارشاد وفيما انتهى إليه الأمر من دفن فضائل أمير المؤمنين ع والحيلولة بين العلماء ونشرها ما لا شبهة فيه على عاقل حتى كان الرجل إذا أراد أن يروي عن أمير المؤمنين ع رواية لم يستطع أن يصفها بذكر اسمه ونسبه وتدعوه الضرورة إلى أن يقول حدثني رجل من أصحاب رسول الله ص أو يقول حدثني رجل من قريش ومنهم من يقول حدثني أبو زينب اه.
فتقرب إليهم الناس ببغضه ورووا لهم الأحاديث في ذمه وغمط فضله. وما كان في دولة بني العباس من قصد اخمال ذكره واخفاء فضله واخماد نوره خوفا من ذريته على الملك. وإخافة كل من ينتسب إليه كما وقع في عهد المنصور والرشيد والمتوكل وغيرهم الا شاذا كالمأمون وغيره والناس إلا ما ندر اتباع السلطة والسلطان وعبيد الدنيا والدينار واستمر ذلك في الدول الاسلامية وفي المسلمين إلى يومنا هذا بما أسسه المؤسسون في غابر الأزمان وسطره علماء السوء في كتبهم وتوالت عليه القرون والأحقاب فنرى كثيرا من الناس لا يستطيع أن يسمع له فضيلة أو منقبة ونرى جملة من المسلمين عمدوا إلى خير كتاب جمع كلامه نهج البلاغة وأعظم مفخرة للاسلام فأنكروه وادعوا أنه من وضع الرضي حتى نسب الحافظ الذهبي كلامه إلى الركة ومع كل هذا وذاك وجميع ما هناك فقد انتشر من مناقبه وفضائله وماثره وجليل صفاته وأفعاله ما تواتر نقله واستفاض وملأ الدفاتر والأسفار وانتشر في جميع الأقطار والأعصار ولم يجد محاول انكاره سبيلا إلى الإنكار حتى قال الإمام أحمد بن حنبل كما سيأتي ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله ص من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب وهذا يكاد يلحق بالمعجزات والآيات الباهرات والعادة جارية بان من كانت هذه حاله يخمل

نام کتاب : أعيان الشيعة نویسنده : الأمين، السيد محسن    جلد : 1  صفحه : 327
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست