نام کتاب : كتاب الجمع بين رأيي الحكيمين لأبي نصر الفارابي نویسنده : علي بو محلم جلد : 1 صفحه : 55
الانسان ، تذكّر
المساواة التي كانت في النفس؛ فعلم ان هذا المساوي انما كان مساويا بمساواة شبيهة
بالتي في النفس. وكذلك سائر ما يتعلّم ، انما يتذكر ما في النفس. واللّه اعلم [١].
وقد ظنّ اكثر الناس ، من هذه الاقاويل ،
ظنونا مجاوزة عن الحد. اما القائلون ببقاء النفس بعد مفارقتها البدن [٢]
، فقد افرطوا في تأويل هذه الاقاويل ، وحرّفوها عن سننها ، واحسنوا الظنّ بها ان
اجروها مجرى البراهين؛ ولم يعلموا ان افلاطون انما يحكي هذا عن سقراط على سبيل من
يروم تصحيح امر خفيّ بعلامات ودلائل. والقياس بعلامات لا يكون برهانا ، كما
علّمناه الحكيم ارسطو في «انولوطيقا الأولى والثانية». ـ واما المدافعون لها ، فقد
افرطوا ايضا في التشنيع ، وزعموا ان ارسطو مخالف له في هذا الرأي ، واغفلوا قوله
في اوّل كتاب «البرهان» حيث ابتدأ فقال : كل تعليم وكل تعلّم فانما يكون عن معرفة
متقدمة الوجود. ثم قال بعد قليل : وقد يتعلم الانسان بعض الأشياء وقد كان علمه من
قبل قديما ، وبعض الأشياء
[١] هذه العبارة «والله
اعلم» مزادة علي النص وليست للفارابي علي الأرجح. وكون المعرفة عملية تذكر ، هذا
ما يذهب إليه أرسطو ، لأن النفس بنظره عرفت حقائق الأشياء في عالم المثل قبل حلول
الجسد علي الأرض. وإذا رأت علي الأشياء أشياء تشبه المثل تذكرتها.
[٢] القول بخلود
النفس ضروري لتفسير المعرفة بالتذكر في مذهب افلاطون ، وليس ضرورياً في فلسفة
ارسطو. ويبدو أن الفارابي يميل إلي مذهب أرسطو بصدد خلود النفس ، وهو مذهب يشوبه
التردد.
نام کتاب : كتاب الجمع بين رأيي الحكيمين لأبي نصر الفارابي نویسنده : علي بو محلم جلد : 1 صفحه : 55