نام کتاب : الحسين عليه السلام في مواجهة الضلال الأموي وإحياء سيرة النبي صلّى الله عليه وآله وعلي عليه السلام نویسنده : البدري، سامي جلد : 1 صفحه : 164
وممّا اُثر عنه عليهالسلام قوله أيضاً : «كأنّي
بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء ، فيملأن منّي أكراشاً جوفاً
، وأجربة سغباً ، لا محيص عن يوم خطّ بالقلم ، رضا الله رضانا أهل البيت ، [نصبر
على بلائه] ويوفّينا أجور الصابرين. لن تشذّ عن رسول الله لحمته ...» [١].
لقد كان الحسين عليهالسلام يحدّث بهذا وأمثاله
، ويبصّر المسلمين ، ويستنهض به هممهم ، ويطلب نصرتهم ، ويذكّرهم بتكليفهم الشرعي
سرّاً وعلانية في جو من الاستضعاف والخوف والإرهاب ، نظير ما عاشه جدّه رسول الله صلىاللهعليهوآله في مكّة يوم
استضعفته قريش وعذّبت أصحابه ، فقُتل مَنْ قُتل ، وسُجن مَنْ سُجن ، وتشرّد مَنْ
تشرّد.
وليس من شك أنّ هذه الحركة التبليغيّة
العامّة من الحسين عليهالسلام
تقوم على أساس ما أمر به النبي صلىاللهعليهوآله
من تبليغ حديثه إلى الناس ، وما أمر به الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآله من إظهار العلم عند
ظهور البدع ، وقد تخيَّر لها الحسين عليهالسلام
بتوفيق إلهي خاصّ ظرفها المناسب ، وهذا يعني في الوقت نفسه كما بيّنا أنّ السلطة
الاُمويّة في الشام سوف لن تسكت على مثل هذه الحركة ، بل سيكون موقفها منها هو
العمل على القضاء عليها ، وبكلّ وسيلة ممكنة ، وبأقسى ما يتصوّر من العقوبة ؛
لتكون نكالاً للآخرين وعبرة.
إنّ السلطة حين أرادت من الحسين عليهالسلام أن يُبايع يعني
إنّها أرادت منه أن يوافق على سياستها وضلالها وإضلالها للناس ، وهذا الأمر لا
يقرُّه الدين للعالم القادر على التغيير ، والحسين عليهالسلام
لا ينافسه أحد ممّن هو في عصره في العلم بالشريعة والقدرة على التغيير ، وفي ضوء
ذلك فليس من المترقّب من الحسين المطهّر الذي قال فيه النبي صلىاللهعليهوآله : «حسين منّي وأنا
من حسين» أن يُبايع ليزيد ويقرّه على سياسة تحريف الدين ، وإضلال الأمّة حتّى لو
كلّفه ذلك دمه الزكي ، بل شعاره في ذلك «لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما
بايعت يزيد» [٢].
وهو في ذلك نظير جدّه النبي صلىاللهعليهوآله
حين قال لعمّه أبي طالب : «ياعم ، والله لو وضعوا